حسنة يأتي بها وهو الأقرب والإفادة به أتم لأنه لو أريد المعنى الأول لكان صادقا على كثير من المكلفين فإن من أتى بطاعة فله أجرها ولا شك أن الإيمان بالرسول الأول طاعة ثم بالثاني طاعة وأن الوفاء بحق المالك طاعته والوفاء بحق الله طاعته ونحو ذلك وقد تقدم في الجزء الأول الكلام في هذا. (رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به واتبعه وصدقه) أي أدرك محمدا - صلى الله عليه وسلم - فآمن به بنبوته وعمومها ثم اتبعه في امتثال أوامره ونواهيه لا كالذين قالوا: إنه نبي لكن لم يبعث إلا إلى قومه فهذا قد آمن به ولكن ما اتبعه، وقوله وصدقه أي في كل ما أخبر به إجمالاً وتفصيلاً وهل المراد أدرك البعثة وزمنها أو أدرك شرعه فعلى الأول الكرماني فلا يشمل الوعد إلا من آمن به من أهل الكتاب في عصره - صلى الله عليه وسلم -، وعلى الثاني وعليه البلقيني وتلميذه الحافظ ابن حجر فيشمل كل من آمن به منهم إلى يوم القيامة وهو الأظهر. (فله أجران وعبد مملوك أدى حقوق الله وحق سيده فله أجران، ورجل كانت له أمة فغذاها) بتخفيف الذال المعجمة. (فأحسن غذاها) بالمد والمراد أنه أكرم مثواها وأحسن معيشتها وهذب أخلاقها وهو المراد بقوله. (ثم أدبها فأحسن تأديبها) وقوله. (وعلمها فأحسن تعليمها) أي لما تحتاج إليه في دينها فجمع لها بين ثمرة ظاهرها بحسن الغذاء وباطنها بحسن الدين والأخلاق فإن الآداب الظاهرة نتيجة الأخلاق الباطنة. (ثم أعتقها) عبر عنه بثم التي للتراخي لإفادة أنه قد كملت لديه بحسن الظاهر والباطن فالنفس عليها شحيحة والإلف بها كامل فإذا أعتقها حينئذ عظم الموقع بإخراجها عن ملك اليمين. (وتزوجها) أي كمل عليها نعمة الحرية بالإعفاف والكفالة وبهضم نفسه بجعل مملوكته زوجته فلا غرو عظم أجره في ذلك وإعادة. (فله أجران) في كل ما ذكره من الثلاثة لطول الفصل بينها وللإعلام بأن كل جملة تستقل بنفسها وتستحق الذكر مفصلا بانفرادها وهذا الذكر للأجران