(خمس لا يعلمهن إلا الله) أو من أعلمه من رسله وفسرها بقوله: (إن الله عنده علم الساعة) أي وقتها المعني الذي تقوم فيه. (وينزل الغيث) أي يعلم نزوله في زمانه. (ويعلم ما في الأرحام) من ذكر أو أنتى شقي أو سعيد ونحوهما. (وما تدري نفس ماذا تكسب) من خير أو شر. (غداً) جعل لنا الدراية التي فيها معنى الجبلة ولجنابه تقدس العلم تفرقة بين العلمين. (وما تدري نفس بأي أرض تموت) خص المكان ويعلم الزمان بالأولى.
قلت: ولدخوله فماذا تكسب غدا وعبر لأن عنده علم الساعة فيعرف الاختصاص من تقديم الطرق وعلم من قوله: ينزل الغيث أنه يعلم زمان نزوله لأنه الذي يوجده ولم يقل ويعلم نزول الغيث؛ لأن الإعلام بالجادة أبلغ في الإخبار عن كماله مع استلزامه للعلم بزمان نزوله وعبر عما في الأرحام فإنه يعلمه لأنه صار موجودا لكنه لا يعلمه سواه وفي هاتين القرينتين شبه الاحتباك المعروف من أنواع البديع حيث عبر في الأول بالإيجاد وعلم منه العلم وعبر في هذا بالعلم وعلم منه الاختصاص بالإيجاد إذ لو أوجده سواه تعالى لشاركه في علمه ثم عبر عن علمه في الأخريين بنفي دراية الأنفس بما يكسبه في غدها وعدم درايتها بأي أرض موتها وهو كالاستدلال على أنه الذي يختص بعلم الخمسة لأنه يقول أنها لا تعرف نفس ما يعلق بها ويهمها فكيف تعلم غيره وقد علم من علمه بما في الأرحام أنه يعلم كل ما يتعلق بالأنفس من كسب. (حم) والروياني (١) عن بريدة) قال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣٥٣)، وانظر قول الهيثمي في المجمع (٧/ ٨٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٢٥٥).