للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالجارحة ولم يقل من قوله أو من كلامه ليشمل من يخرجها استهزاء بالناس واليد لأن أكثر الأفعال يصدر ويوقع بها وشمل الكناية بتعم الثلاثة الأصناف التي عمها اللسان ويدخل فيها الاستيلاء على حق الغير وتقدم حديث البخاري "أفضل المسلمين" وهنا "خير المسلمين"، قال الكرماني (١): هما جميعاً من باب التفضيل؛ لأن الفضل بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة والخير بمعنى النفع في مقابلة الشر لكن الأول في الكمية والثاني في الكيفية. (م) (٢) عن ابن عمرو) قال: إن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أى المسلمين خير فذكره.

٤٠١٦ - "خير الناس أقرؤهم، وأفقههم في دين الله، وأتقاهم لله، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم". (حم طب) عن درة بنت أبي لهب.

(خير الناس أقرؤهم) القرآن أي أكثرهم له تلاوة أو أحسنهم أو أعرفهم بمعناه والأول أقرب لقوله. (وأفقههم في دين الله) فإنه دل بعطف المغايرة وأنه أريد بالأقرأ الأكثر تلاوة وبالأفقه العارف معاني كلام الله فإنه لا يتم الفقه في دين الله إلا بمعرفة معاني كلامه فإن العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء أهل معرفة كلام الله، قال بعضهم مقام القارئ من الأنبياء مقام الوصي من الميت ومقام الفقيه مقام الوارث والوصي يقوم مقام الميت نفسه دون الوارث والوصي تقدم على الورثة فلذا قدم القارئ. (وأتقاهم لله، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر) فإنه لا يقوم بهذه الوظيفة إلا من رسخ في قلبه التقوى وآثر أمر الله على كل ما سواه وما يواقب في الله أحد من خلقه وفي التحقيق أن هذا أعظم ما بعثت له الرسل وتقدم الكلام في هذا كما تقدم في معنى: (وأوصلهم للرحم) فإنه لا


(١) انظر: فتح الباري (١/ ٥٦).
(٢) أخرجه مسلم (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>