١٣٣ - " اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم: فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده في النار (حم ت) عن ابن عباس (ح) ".
(اتقوا الحديث عني) أي التحديث (إلا ما علمتم) أي أنه عني، والمراد بالعلم: ما يشمل الظن لأنه غالب الأحاديث لا يخبر المخبر إلا ومعه ظن أنها عنه - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثبت الدليل على العمل بمعناها، وهو فرع روايتها وقبولها (فمن كذب على متعمدًا) أي تقوَّل عليَّ ما لم أقله، أو نسب إليَّ فعل ما لم أفعله أو تقرير ما لم أقرره، فإنه ليس المراد بالكذب اختلاق القول فقط، فإن الفعل والتقرير كالقول في علة النهي لأن فعله - صلى الله عليه وسلم - وتقريره تشريع كالقول، إلا أنه لما كان غالب الكذب في الأقوال اقتصر عليها.
وقوله:(فليتبوأ) التبوأ النزول قال تعالى: {يَتبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ}[يوسف: ٥٦] مقعده بفتح الميم اسم مكان من القعود أي ينزل مكانه الذي أعد له (من النار) وأمره بنزوله وإضافته إليه دليل أنه مكان معين قد أعده الله له واهبه وهيَّأَه وصار أمرًا مفروغًا منه (ومن قال في القرآن برأيه) أي من فسر منه بما لا يعلم إلا التوقيف من علم قصصه، وأسباب نزوله ومغيباته ونحوها (فليتبوأ مقعده من النار) وأما حل تراكيبه وبيان معانيها اللغوية وبيان وجوه إعرابه، وإبراز خفيات أسراره، واستخراج أحكامه وما دلت عليه ألفاظه من أوامره ونواهيه، فإن هذا مأمور به وهو من فوائد تدبره الذي أمر الله به، وجعله وجه الحكمة لإنزاله حيث قال:{لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[ص: ٢٩] وهذا مجمع على جوازه كما دل عليه فعل الصحابة، ومن معهم إلى الآن، وقد قسَّم المصنف رحمه الله التفسير (١) في "الإتقان" إلى أربعة أقسام: الرابج: التفسير بالمقتضى من كلام العرب، ومعنى