للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أحبكم إلى الله أقلكم طُعْمًا) بضم الطاء الأكل على وقته وبالفتح هو ما يؤديه ذوق الشيء من حلاوة ومرارة أفاده في النهاية (١) (وأخفكم) بالخاء المعجمة ففاء من الخفة (بدنًا) نصب على التمييز كالأولى وخفة البدن من عدم امتلائه سمنًا، وذلك لأن قلَّة الطعام سبب للنشاط للعبادة ولقلة النوم ولقلة دواعي الشهوة، ومفاسد الأكل كثيرة، وآفاته عديدة، وقد عدَّه الأطباء من آفات الأبدان كما أنها من آفات الأديان، ولذا قيل: فإن الداء أكثر ما تراه يكون من الطعام أو الشراب وخفة البدن من ثمرات قلة الأكل وفوائده فوائده (فر عن ابن (٢) عباس) رمز المصنف لضعفه؛ لأنَّ فيه أبا بكر بن عياش، قال الذهبي: ضعَّفه ابن نمير.

واعلم أنَّ هذه ثلاثة وعشرون حديثًا وردت بصيغة اسم التفضيل والأصل فيه أن يجيء للفاعل، فنقول: زيدًا أفضل من عمرو أو من الناس، أي أزيدهم فاضلية على غيره، وجاء قليلاً للمفعول، نحو: أشغل الناس أي أكثرهم مشغولية، وهذه الأحاديث جميعًا وردت على الأقل، إذ المراد بأحب الأعمال إلى الله أزيدها محبوبية وكذلك ما بعده وهو استعمال صحيح فصيح وإن كان أقل من الأوَّل، ثمَّ اعلم أنه أشكل إيراد هذه الصيغة التفضيلية في كلِّ ما ذكر لدلالتها على أن كلَّ ما ذكر بعدها أحب من كل ما عداها، وقد تعدَّدت وأنه يؤدِّي إلى التناقض، وقد ذكر المصنِّف نظير هذا في الإتقان في آيات {ومن أظلم ممن ...} كذا [ومن أظلم ممن ...] كذا بمعنى صلته. ثم قال: وأجيب بأوجه، منها تخصيص كل موضع.

قلت: وقد أشرنا في كثير مما مضى إلى شيء من هذا ولم يجر في كلها إلا


(١) النهاية (٣/ ١٢٥).
(٢) أخرجه الديلمي في الفردوس (١/ ٨٦)، وضعفه الغماري في المداوى (١/ ٢٠٥) من طريق الحاكم. قال المناوي (١/ ١٧٦): أخرجه الحاكم في تاريخه وفيه أبو بكر بن عياش قال الذهبي: ضعفه ابن نمير وهو ثفة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (١٧٢) والسلسلة الضعيفة (١٩١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>