للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تميزه بين كل شيئين مشتبهين بلفظ آخر مميز مختصر كما نجده في لغتهم في جنس الحيوان مثلا فإنهم يعبرون بين القدر المشترك بين الحيوان بعبارات جامعة ثم يميزون بين أنواعه في أسماء إلى غير ذلك من خصائص اللسان العربي وأما العمل فعلى الأخلاق وهي الغرائز المخلوقة في النفس وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم فهم أقرب إلى الأخلاق المحمودة من نحو سخاء وشجاعة ووفاء وهذا كلام جامع في كل ما يأتي نافع. (ولا تقدموها) لأنها الأحق بالتقديم والخطاب لسائر الأمة غير قريش إن قيل، فإذا اختلفت قريش وطلب كل [٣/ ٢٠٠] التقدم وتنازعوا وأدى إلى الفساد فماذا؟

قلت: يجب عليهم التقيد لأكملهم فيما تقدم فيه الفاضل على المفضول، والعالم من قريش يقدم على الجاهل في الفتوى مثلا والحكم بين الناس، والشجاع مقدم على الجبان في الحروب ونحوها وقد عين - صلى الله عليه وسلم - بعض رتب الفضل أعني من يقوم بها كقوله: "يؤم القوم أقرأهم" فإنه قاض للأقرأ بالتقدم على غيره من قرشي وغيره، إن قلت فيلزم أن يقدم عليهم غيرهم في الخلافة إن كان أقوم بها وأكمل وحينئذ يضيع الحديث.

قلت: الأمر في الحديث دليل على أنه لا يخلو الصالح للخلافة عن قريش أصلًا لئن سلم فالمراد بالأمر بالتقديم عند وجود الصالح لذلك لا مع فقده، وإن قلنا: إنه عام في التقديم لهم في كل مزية عظيمة كان المراد ذلك أيضاً.

(وتعلموا منها) كل ما يحصل بالتعليم والمراد من عالمها فإذا وجد عالم قرشي وعالم غير قرشي كان أخذ العلم من القرشي. (ولا تعالموها) بفتح المثناة مفاعلة من العلم أي لا تغالبوها في العلم ولا تفاخروها فيه لما سلف من اجتماع الكمال فيهم.

واعلم: أن هذه خاصية للنوع لا يلزم وجودها في الأفراد إلا أن من لازمها أن لا يخلو الأفراد كلها عنها وأن لا يوجد في غيرهم من هو أتم من كل أفرادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>