ولا يحصيه عد عاد مع ما فيه من الإشارة إلى أنه طلب أن يكون له تفضلا من عنده تعالى لا يعمل منه. (وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم) هو مناسب للجملتين الدعاء بالمغفرة فإنه صادر عن صفة كونه غفورًا رحيمًا والدعاء بالرحمة لأنها صادرة عن مغفرته المسببة عن رحمته ولا يخفى حسن ترتيب الحديث حيث قدم الاعتراف بالذنب ثم بالوحدانية ثم سؤال المغفرة لأن الاعتراف بالذنب أقرب إلى العفو، والثناء على السيد بما هو أهله أرجى لقبول سؤاله، ففي الحديث وصف العبد بحال نفسه المقتضي حاجته إلى المغفرة وفيه وصف ربه بأنه لا يقدر على هذا المطلوب غيره، وفيه التصريح بسؤال العبد لمطلوبه وفيه بيان المقتضي للإجابة وهو وصف الرب بالمغفرة والرحمة فهذا ونحوه أكمل أنواع الطلب وكثيرا من الأدعية يتضمن بعض ذلك (حم ق ت ن هـ (١) عن ابن عمر، وعن أبي بكر) الصديق قال: قلت: يا رسول الله علمني دعاء أدعوا به في صلاتي فذكره وفيه رد على من منع الدعاء في المكتوبة بغير القرآن كالنخعي.
٦١٢٥ - "قل: آمنت بالله ثم استقم". (حم م ت ن هـ) عن سفيان بن عبد الله الثقفي (صح) ".
(قل: آمنت بالله) جدد إيمانك بالله ذكرا بقلبك ونطقا بلسانك. (ثم استقم) التزم الطاعات واجتنب المخالفات وامش الصراط المستقيم والنهج القويم ولا تنكب منهيات الطريق والمعوج غير المستقيم، والحديث مأخوذ من الآية {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت: ٣٠]، وتقدم الكلام فيه، قيل: الاستقامة امتثال كل مأمور وتجنب كل منهي، وقيل: هي المتابعة للسنن النبوية
(١) أخرجه أحمد (١/ ٣)، والبخاري (٨٣٤، ٦٣٣٦، ٧٣٨٨)، ومسلم (٢٧٠٥)، والترمذي (٣٥٣١)، والنسائي (٣/ ٥٣)، وابن ماجة (٣٨٣٥).