للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في كنف الله تعالى ووقايته (١) (فوق رأسه فلا يزال كذلك حتى يفرغ من أذانه وإنه ليغفر له مد صوته) هو بالتشديد للدال المهملة وفي رواية الطبراني مدّا بالألف وتخفيف المهملة وأنكر بعضهم مدّ بالشديد وليس كذلك، فإنهما لغتان ثابتتان إلا أن مدّا بالألف أشهر وهو منصوب على الظرفية المكانية في النهاية (٢): المد القدر يريد به قدر الذنوب أي يغفر له ذلك إلى قدر منتهى صوته وهو تمثيل لسعة مغفرة الله له (فإذا فرغ من آذانه قال الرب صدق عبدي) في هذه الإضافة نهاية التشريف (وشهدت) التفات من الغيبة إلى الخطاب تعظيمًا للعبد وإقبالاً على خطابه وإلا فإنه كان مقتضى الحال. (شهادة الحق) خصها من بين كلمات الأذان لشرفها وهي مصدر نوعي فيحتمل أنه من باب جرد قطيفة أي الشهادة، الحق أي الثابتة ويحتمل أن الحق اسمه تعالى أي شهادة الله فإنه تعالى شهد أنه لا إله إلا هو وأن محمدًا رسوله إن كانت الإضافة إلى الفاعل أو شهادتك لله الحق إن كانت إلى المفعول ثم هذا تخصيص لكلمتي الشهادة بعد التعميم بالتصديق رفعًا من شأنهما لأنهما أعظم الكلمات وعليهما سفكت الدماء وسبيت الذرية ويحتمل أنه عائد إلى الجميع أيضًا تغليبًا كما وصفها بالصدق (فأبشر) بجزاء ما أعده لمن شهد بالحق والفاء للتفريع وحذف مفعول البشرى إفادة للتعمم من باب {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: ٢٥] أي أبشر بكل نوع من أنواع الإكرام ولعظمة شأن الأذان تنافس فيه السلف حتى قال عمر وهو خليفة لولا الخلافة لأذنت فقيل: أراد لولا الشغلة بأمور الخلافة لأذنت وقيل


(١) هذا تأويل، واتفق أهل السنة على نفي مماثلة الله لخقله في شيء من صفاته لا اليد ولا غيرها، بل يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق به مع نفي التمثيل والتشبيه والتحريف ووقع ذكر اليد في القرآن والسنة مضافًا إلى الله تعالى، فلا تصرف عن ظاهرها، وهو المعنى المتبادر لليد إلى معنى كالقدرة والنعمة وغيرها.
(٢) النهاية (٤/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>