للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إذا سمعتم أصوات الديكة) بكسر المهملة وفتح المثناة التحتية جمع ديك (فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكًا) فيه أنه يستحب الدعاء عند رؤية راء للملك وذلك مثل ساعة احتضار الميت فإنه قد ثبت بالأخبار النبوية أنه يشاهد الملائكة كما ثبت أن الديكة تشاهدها (وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانًا) فيه استحباب الاستعاذة في محلات الشياطين كالأسواق والحمامات وأنه برؤية الشياطين يخاف شرهم فيدفع بالاستعاذة، وفيه أنه تعالى جعل لبعض الحيوانات من الإدراكات بالحاسة ما لا يدركه الإنسان ولذا ثبت أن البهائم تسمع عذاب القبر (حم ق د ت عن أبي هريرة) قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (١).

٦٩١ - " إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا، وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوا؛ فإنه يصير إلى ما جبل عليه (حم) عن أبي الدرداء" (صح).

(إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه فصدقوا) فإن قدرة الله على ذلك كائنة (وإذا سمعتم برجل زال عن خلقه) تغير عنها وتبدل بها غيرها (فلا تصدقوا) ذلك (فإنه يصير) يعود (إلى ما جبل) بالضم بناء للمجهول أي طبع وخلق (عليه) وفيه دليل أن الخلق جبلة كالخلق ويدل له حديث: "يطبع المؤمن على كل خلق ليس الخبانة والكذب" أخرجه البيهقي (٢) من حديث ابن عمر وفي معناه قيل:

وأسرع مفعول فعلت بعيرًا ... يكلف شيء في طباعك ضده

فإن قيل: إذا كانت الأخلاق كالخلق غير اختيارية للإنسان فأي ملامة تلحق


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٠٦) والبخاري (٣٣٠٣) ومسلم (٢٧٢٩) وأبو داود (٥١٠٢) والترمذي (٣٤٥٩).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن (١٠/ ١٩٧) وفي الشعب (٤٨٠٩) وقال الحافظ في الفتح (١٠/ ٥٠٨) وسنده قوي وذكر الدارقطني في العلل (٤/ ٣٢٩) أن الأشبه أنه موقوف أهـ. وانظر علل الحديث لابن أبي حاتم (٢/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>