للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسيء حتى يذم على سوء خلقه هل هو إلا كذمه على قبح وجهه وأي أجر ومدح لمن حسنت أخلاقه وهل هو إلا كإثابة والثناء على حسن الصورة.

قلت: المدح والذم إنما هما على الأحوال الاختيارية الناشئة عن الأمرين فإن من جبل على البخل مثلاً أو على العجلة والقلق فاختياره بخلافهما باق بتكليفه لنفسه الخروج عن صفة البخل بالبذل وعن غيرها من قبيح الصفات بخلافها وذلك نظير ما سلف من أن الحسد قد يرد على القلب بلا اختيار إلا أنه يجب دفع ما يترتب عليه وكذلك سوء الظن ونحوه بالتعليم والتدرب والتكلف يعود كالجبلة له والحكايات في ذلك كثيرة، وهذه الحيوانات العجم تترك بالتدريب والتعليم كثيرًا من طباعها التي جبلت عليها وقد يكون من قصر نفسه على الخير حتى ألفه أعظم ممن جبل عليه، ونظيره أن الإنسان جبل على حب الشهوات والملاذ فقد يكف نفسه عن إتباعها هواها وما ألفته وطبعت عليه حتى تصير طبيعة له.

وخلاصته: أن الجبلة في الأخلاق لا تنافي التعلم والخروج عنها فالحديث خرج مخرج الغالب فإن غالب كل إنسان أن لا يخالف طبعه بل يضيف إلى قبائح طبعه قبائح أخرى وأن يكلف الخروج عنه فلا بد من بقية فيه وإياه يراد من الحديث (حم عن أبي الدرداء) (١) رمز المصنف لصحته وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء، وقال السخاوي: حديث منقطع.

٦٩٢ - " إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه، ولا تكنوا (حم ن حب طب) والضياء عن أبي".


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٤٤٣) وقول الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٩٦) وقال المناوي (١/ ٣٨١) قال السخاوي في المقاصد الحسنة (٧٣): حديث منقطع.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (٥٥٥) والسلسلة الضعيفة (١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>