للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الوعد وزاد الأول إذا ائتمن خان والتاني إذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر، قال الحافظ (١) ابن حجر في الفتح: قلت: في رواية مسلم الثاني بدل "الغدر في المعاهدة" "الخلف في الوعد" كما في الأول فيكون بعض الرواة تصرف في لفظه بأن معناهما قد يتحد وعلى هذا فالمراد خصلة واحدة وهي الفجور في الخصومة، والفجور الميل عن الحق والاحتيال في رده وهذا قد يندرج في الخصلة الأولى وهي الكذب في الحديث انتهى فحينئذ تعود إلى الثلاث وإنما جعلها - صلى الله عليه وسلم - آية المنافق لأنها منبهة على ما عداها إذ أصل العبادة منحصر في ثلاث: القول والعمل والنية، على فساد الأقوال بالكذب وعلى فساد الأفعال بالخيانة وعلى فساد النية بالخلف لأن خلف الوعد لا يقدح إلا مع العزم عليه مقارن للوعد كما سبق.

واعلم أنه قد استشكل الحديث بأن هذه الخصال قد توجد في المسلم والإجماع منعقد على عدم الحكم بكفره؟ وأجيب عنه بأجوبة:

الأول: أن هذه الخصال نفاق وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال متخلق بأخلاقهم، فالمعنى أن صاحب هذه الخصال كالمنافق فيكون مجازاً وهذا على أن المراد بالنفاق نفاق الكفر.

والثاني: أن المراد بالنفاق هنا نفاق العمل لا نفاق الكفر وارتضاه القرطبي والحافظ ابن حجر.

والثالث: أنه أطلق النفاق على صاحبها للتحذير والإنذار عن ارتكابها وأن الظاهر غير مراد ومال إليه الخطابي.

الرابع: أن يراد أنه يتصف بذلك من اعتادها وصارت له ديدنا ودل بذلك التعبير بإذا فإنها تدل على تكرار الفعل، كذا قاله الخطابي، وقال الحافظ ابن


(١) الفتح (١/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>