للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان لي مؤنسا وكنت له ... ليست بنا حاجة إلى أحد

حتى إذا استرفدت يدي يده ... كنت كمسترفد يد الأسد

وأزورّ عني وكان ينظر من ... عيني ويرمي بساعدي ويدي (١)

واعلم أن في هذا الكلام النبوي ترغيباً بليغاً في الزهد وحثًّا عليه إلى الغاية فإن أعظم المطالب السنية للعبد أن يكون محبوبا لخالقه ومولاه فإن محبته تعالى لعبده هي غاية كل مطلوب ومحط رحال كل محبوب والرتبة التي يطلبها كل من سمت به همته في المطالب العلية [١/ ٢٦٨] فهذه الفائدة بالنسبة إلى ما يناله من مولاه وفاطره والفائدة الثانية ما يناله من العباد من محبتهم له فإن أحب شيء إلى الإنسان أن يكون عند الناس محبوبا خفيف الروح مقبول غير مستثقل ولا مملول وأكثر الناس ينفق الأموال في طلب ذلك ويتكلف شريف الخصال في تحصيل ما هنالك وهي نعمة عظيمة امتن الله بها على موسى كليمه بقوله تعالى: {وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي} [طه: ٣٩] ومن لازم محبة الله لعبده محبة الناس له كما أسلفناه وكما قيل:

وإذا أحب الله يوما عبده ... ألقى عليه محبة من الناس

واقتصر - صلى الله عليه وسلم - على هاتين الفائدتين مع أن للزهد فوائد أخر لأنهما أعظم فوائده، ومن فوائده ما في حديث طاووس عند أحمد (٢) وغيره: "الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن والرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن"، (هـ طب ك هب عن


= (١) أورده ابن أبي الدنيا في الإشراف في منازل الأشراف (ص ٢٦٨) رقم (٣٤٥) قال: أنشدني سليمان بن أبي الشيخ الرجل من خزامة.
(٢) أخرجه البيهقي في الشعب (١٠٥٣٦) وقال: هذا مرسل. وقد ورد مرفوعًا عن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط (٦١٢٠) وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٨٠٣): لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>