للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نقل عنه وجوها في تأويله وعن القاضي عياض ثم نقل عن ابن بطال أنه ذهب وغيره من المحققين إلى أنه على ظاهره وأنه إذا أسلم الكافر ومات على الإِسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري (١) - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها". ذكره الدارقطني في غريب حديث مالك: وروي عنه من تسع طرق وثبت فيها كلها أن الكافر إذا حسن إسلامه يكتب له في الإِسلام كل حسنة عملها في الشرك، قال ابن بطال: بعد ذكر هذا الحديث: لله أن يتفضل على عبده بما شاء لا اعتراض لأحد عليه، قال وهو كقوله - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام: "أسلمت على ما أسلفت".

قلت: ويؤيده أيضاً حديث عائشة (٢) قالت: قلت: يا رسول الله إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذلك نافعه؟ قال: "لا ينفعه إنه لم يقل: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين" ففيه إشعار بأنه لو قالها نفعه عمله في الجاهلية قال: وأما قول الفقهاء: لا يصح من كافر عبادة ولو أسلم لم يعتد بها فمرادهم أنه لا يعتد بها في أحكام الدنيا وليس فيه تعرض لثواب الآخرة، فإن أقدم قائل على التصريح بأنه إذا أسلم لا يثاب عليها رُدّ قوله بهذه السنة الصحيحة انتهى.

قلت: وكأن الفقهاء لما رأوا تقييد العمل في القرآن بوقوعه حال الإيمان جزموا بذلك كما في قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ


(١) أخرجه البخاري معلقاً، باب حسن إسلام المرء، وقال الحافظ في تغليق التعليق (٢/ ٤٤): وصله الحافظ أبو ذر الهروي في روايته للصحيح ورواه الدارقطني في غرائب مالك وانظر طرقه في التغليق.
(٢) أخرجه مسلم (٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>