للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم خلا بهم. وكان المعتصم لا يعلم [٤ أ] ويظن إلا أنّ القول قولهم (١).

ثمّ نحّاهم وردّني إليه وقال: ويحك يا أحمد، أجبني حتّى أطلق عنك بيدي، إني والله لأشفق عليك كشفقتي على هارون ابني. فرددت عليه نحوا ممّاكنت أردّ قبل ذلك فغضب ولعن وقال:

لقد طمعت فيك أن تجيبني، خذوه واسحبوه وخلّعوه! قال أبو عبد الله: وكان معي شعر من شعر [رسول الله] صلّى الله عليه وسلم أعطانيه الفضل بن الربيع، وكان في صرّة من قميصي. فقالوا: انزعوا منه قمصيه ولا تخرقوه. ثمّ قال: ما هذا في ثوبك؟

فقالوا لي: ما هذا في ثوبك؟ قلت: هذا شعر من شعره صلّى الله عليه وسلم. قال صالح: قال أبي: فظننت أنّه إنّما [درئ] (٢) عن قميصي الخرق بسبب الشعر الذي كان فيه. قال أبو عبد الله: وجعلت بين العقابين (٣) فقلت: يا أمير المؤمنين إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله إلا بإحدى [ثلاث]، وقال (٤) رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصمت دماؤهم وأموالهم، فبم تستحلّ دمي ولم آت شيئا من هذا يا أمير المؤمنين؟ أذكر وقوفك بين يدي الله عزّ وجلّ كوقوفي بين يديك، يا أمير المؤمنين، راقب الله! فلمّا رأى المعتصم ثبوت أبي عبد الله وتصميمه

[ ... ] الله فخشي ابن أبي دؤاد من رأفته عليه فقال: يا أمير المؤمنين، إن تركته قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله وأنّه غلب خليفتين، فهاجه ذلك وطلب كرسيّا جلس عليه، وقام ابن أبي دؤاد وأصحابه على رأسه. ثم قال للجلّادين: أروني أسياطكم! فنظر إليها، ثم قال:

ائتوني بغيرها! فأتوه بغيرها. ثم قال: تقدّموا! فيتقدم الرجل منهم فيضربني سوطين فيقول المعتصم: شدّ، قطع الله يدك! ثم يتنحّى، ثم يتقدم الآخر فيضربني سوطين، وهو في كلّ ذلك يقول: شدّوا، قطع الله أيديكم! فلمّا بلغ تسعة عشر سوطا قام الخليفة إليّ ثم قال: يا أحمد، علام تقتل نفسك؟ والله إنّي عليك شفيق. فجعل عجيف ينخسني بقائم سيفه وقال: تريد أن تغلب هؤلاء كلّهم؟ وجعل بعضهم يقول: ويلك! الخليفة على رأسك قائم! وبعضهم يقول: يا أمير المؤمنين، دمه في عنقي، أقتله! وجعلوا يقولون:

يا أمير المؤمنين، أنت صائم، وأنت في الشمس قائم. فقال لي: ويحك يا أحمد، ما تقول؟

فأقول: أعطوني شيئا من كتاب الله عزّ وجلّ أو سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلم حتى أقول به. (قال): ثم رجع فجلس، ثم قال للجلّاد: تقدّم، أوجع، قطع الله يدك! ثم قام الثانية فقال: يا أحمد، أجبني! فجعلوا يقولون لي: ويلك! إمامك أمير المؤمنين قائم على رأسك! فقال المعتصم: أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتّى أطلق عنك بيدي! فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنّة رسوله صلّى الله عليه وسلم حتى أقول به. ثم رجع فجلس، فقال للجلّادين: تقدّموا! فيتقدّم الجلّاد فيضربني سوطين ويتنحّى وهو في خلال ذلك يقول: شدّ قطع الله يدك! قال أبو عبد الله رضي الله عنه: فذهب عقلي. ثم أفقت، فإذا الأقياد قد أطلقت عنّي،


(١) الفقرة غامضة وهي ساقطة من أعلام النبلاء.
(٢) درأ: دفع وصدّ وأبعد. والمعنى هنا أنه صان القميص عن الخرق ببركة شعرات الرسول صلّى الله عليه وسلم.
(٣) العقابان: خشبتان يمدّ بينهما السجين ليعذب (اللسان) وتسميان أيضا: الهنبازين بالباء أو الهنتازين بالتاء انظر ص ٤٩٣ هـ ٤، وانظر قادما ج ٥/ ٨٤ هـ ١.
(٤) الحديث مبتور. والخصال الثلاث هي قتل النفس، والزنا بعد إحصان والردّة (روته عائشة رضي الله عنها). والزيادة من أعلام النبلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>