الجواب: هذا محل نظرٍ، وفرقٌ بين هذه المسألة وبين مسألة أهل الذمة؛ لأن أهل الذمة تحت ولايتنا، ونحن لنا الولاية عليهم، فلا يمكن أن نكرمهم بالقيام لهم. (٢) فإن سلموا وجب الرد ... ، أما البداءة فلا ... ولا يخلو السلام الذي ألقوه إلينا إما أن يكون صريحًا بقولهم: (السلام عليكم)، أو صريحًا بقولهم: (السام عليكم)، أو غير صريحٍ؛ فلم يبينوا اللام ولم يحذفوها حذفًا واضحًا. فإن صرحوا بقولهم: (السلام عليكم) ... ؛ فهنا لنا أن نرد عليهم ونقول: (وعليكم السلام)، ولنا أن نقول: (وعليكم). وإن صرحوا بقولهم: (السام عليكم)؛ فإننا نقول: (عليكم السام)، أو نقول - وهو أولى -: (وعليكم) ... وإن كان محتملًا؛ فهنا يتعين أن نقول: (وعليكم)؛ لأنه إن قال: (السلام) فهو عليه، وإن قال: (السام) فهو عليه. وهل يجوز أن نبدأهم ب-: (كيف أصبحت؟) و (كيف أمسيت؟) - وما أشبه ذلك -؟ المذهب: لا يجوز ... وقال شيخ الإسلام: يجوز أن نقول له: (كيف حالك؟) و (كيف أمسيت؟)، و (كيف أصبحت؟)؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن بداءتهم بالسلام، والسلام يتضمن الإكرام والدعاء؛ لأنك إذا قلت: (السلام عليكم) فأنت تدعو له، أما هذا فهو مجرد ترحيبٍ وتحيةٍ. وينبغي أن يقال [في مثل ذلك؛ أي: في غير السلام]: إذا كانوا يفعلون بنا مثل ذلك فلنفعله بهم، أو كان هذا لمصلحةٍ - كالتأليف لقلوبهم - فلنفعله بهم، أو كان ذلك خوفًا من شرهم فلنفعله بهم ... أما التهنئة بالأعياد فهذه حرامٌ بلا شك ... وأما تهنئتهم بأمورٍ دنيويةٍ - كما لو ولد له مولودٌ، أو وجد له مفقودٌ، أو بنى بيتًا، أو ما أشبه ذلك -؛ فهذه ينظر؛ إذا كان في هذا مصلحةٌ فلا بأس بذلك، وإن لم يكن فيه مصلحةٌ فإنه نوع إكرامٍ فلا يهنؤون، ومن المصلحة أن يكون ذلك على وجه المكافأة؛ مثل: أن يكون من عادتهم أن يهنئونا بمثل ذلك فإننا نهنئهم. وأما تعزيتهم فلا يجوز أن نعزيهم ... ، لكن في أهل الذمة قال بعض أهل العلم: تعزيتهم تجوز للمصلحة ... وأما عيادتهم فالصحيح جواز ذلك، لكن للمصلحة - أيضًا -.