والقول الثاني: أنه يضمن؛ لأن هذه نفسٌ محترمةٌ ليست كالمال، فالمال لا يتألم لكن هذه نفسٌ تتألم، فتركها تموت عطشًا وجوعًا إثمٌ يعذب عليه الإنسان في النار ... فالصواب: أنه يضمن، ولكنه يجعل ما ضمنه في بيت المال، ويحرم إياه صاحبها ولا يعطى شيئًا؛ لأنها تلفت بقولٍ من صاحبها وقد رضي بتلفها عليه. (٢) إلا إذا نص صاحبها عليه، وقال: (لا تعطها أحدًا، هي مني إليك، ومنك إلي)؛ فهنا يضمن؛ لأنه عين حرزًا أقوى من حرز العادة. (٣) هذه المسألة فيها خلافٌ؛ فمن العلماء من يقول: إنه إذا دفعها إلى من يحفظ مال ربها بغير إذن ربها فإنه ضامنٌ والذي ينبغي: أن يرجع في ذلك إلى العرف؛ فما جرى به العرف اتبع وما لم يجر به العرف لم يتبع. فالأشياء الثمينة جرت العادة أنها لا ترد الوديعة منها إلا إلى صاحبها نفسه، والأشياء العادية - كالأواني والفرش والبهائم - جرت العادة أنه يتولى قبولها عند ردها من يحفظ مال ربها، فيرجع في ذلك إلى العرف؛ فما جرى العرف بأنه يدفع إلى من يحفظ مال ربها فدفعها إليهم فلا ضمان عليه، وما جرى العرف بأنه لا بد أن يسلم إلى نفس المودع فإن عليه الضمان.