للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن طلب السلطان امرأةً لكشف حق الله - تعالى - (١)، أو استعدى عليها رجلٌ بالشرط في دعوى له (٢) فأسقطت: ضمنه السلطان، والمستعدي، ولو ماتت فزعًا لم يضمنا.

ومن أمر شخصًا مكلفًا أن ينزل بئرًا، أو يصعد شجرةً فهلك به: لم يضمنه (٣).


(١) ظاهر كلام المؤلف: سواءٌ طلبها لحق الله - عز وجل - وهي ظالمةٌ، أو طلبها وهو الظالم، أو طلبها قبل أن يتبين الأمر، فيضمنها السلطان مطلقًا في الأحوال الثلاثة.
ولكن بعض أصحابنا - رحمه الله - قيد هذا بما إذا لم تكن ظالمةً ... ، وهذا القول له وجهٌ قوي ... .
ثم على القول بالضمان فظاهر كلام المؤلف: أن السلطان يضمنها ضمانًا شخصيا، لا ضمان ولايةٍ ... ، ولكن القول الراجح ... : أن الدية في بيت المال؛ لأن السلطان يتصرف لحقوق المسلمين بالولاية ...
نعم؛ لو تيقنا أن السلطان ظالمٌ فهنا يتوجه أن يكون الضمان عليه أو على عاقلته؛ بحسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية.
(٢) ظاهر كلام المؤلف - أيضًا -: ولو كان المستعدي مستحقا للاستعداء، وكانت هي ظالمةً؛ فإن الضمان على المستعدي.
ولكن في هذا نظرٌ؛ فإنه إذا كان على حق ولم يعلم عن حال المرأة فكيف نضمنه؟! أما إذا كان يعلم أن هذه المرأة من النساء اللاتي يفزعن، وأنه يخشى على حملها؛ فربما يقال: إن تضمينه له وجهٌ.
(٣) إذا كان الآمر يعلم أن في البئر ما يكون سببًا للهلاك ولم يخبره ... فعليه الضمان؛ لأنه غره وعلى هذا فكلام المؤلف يحتاج إلى قيدٍ، وهو إذا لم يكن منه تفريطٌ بإعلامه بما يكون سببًا لهلاكه، فإن كان منه تفريطٌ في ذلك فعليه الضمان ...
وعلم من قول المؤلف: (ومن أمر) أنه لو أكرهه على ذلك فعليه الضمان ...
وعلم من قول المؤلف [- أيضًا -]: (من أمر شخصًا مكلفًا) أنه لو أمر غير مكلفٍ فعليه الضمان مطلقًا، وهذا هو المشهور من المذهب.
لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان المأمور مميزًا - أي: يفهم الخطاب - له سبع سنواتٍ أو نحوها، وكان هذا الأمر مما جرت به العادة أن يؤمر مثله فإنه لا ضمان ... ؛ لأنه ما زال الناس منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا يرسلون المميزين في مثل هذه الأشياء القليلة السهلة، ولا يعدون ذلك عدوانًا، وما ترتب على المأذون فليس بمضمونٍ.

<<  <   >  >>