للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعضهم بتأويل الاستواء إلى الاستيلاء بصرف لفظ الاستواء إلى الاستيلاء، وهذا تحريف للكلم عن مواضعه.

أما العرش فقد دلَّت النصوص على أنه مخلوق متميِّز عن سائر المخلوقات وصف في القرآن بأنه: عظيم، وكريم، ومجيد.

وجاء في السُّنة أنه: ذو قوائم (١)، وجاء في القرآن أنه محمول ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ [غافر: ٧] هل يصح أن تكون الذين يحملون الملك؟!

هم من جملة ملك الله؛ فلا يستقيم هذا التفسير الذي هو في الحقيقة تحريف.

وتفسير الاستواء بالاستيلاء أيضًا فاسد من جهة اللغة، ومن جهة الشرع، فإنه لا يُعرَف في اللغة، استوى: بمعنى استولى، ولا دليل لهم عليه إلا بيت قاله الأخطل النصراني (٢):

قد استوى بشر على العراق

من غير سيف ودم مهراق (٣)


(١) روى البخاري (٢٤١٢)، من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي قال: «لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة، فأكون أول من تنشق عنه الأرض فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش» الحديث.
(٢) غياث بن غوث بن الصلت التغلبي النصراني، أبو مالك، كان هو وجرير والفرزدق أشعر أهل زمانهم. تاريخ دمشق ٤٨/ ١٠٤.
(٣) هذا البيت ينسب للأخطل، وليس في ديوانه، فقيل: إنه محرف، وإنما هو: بشر قد استولى على العراق. وقيل: إنه مصنوع. انظر: فتاوى ابن تيمية ٥/ ١٤٦، ومختصر الصواعق المرسلة ٣/ ٩١٢.

<<  <   >  >>