وهكذا سائر الطاعات واقعة بالإرادة الكونية، ومتعلِّقة كذلك بالإرادة الشرعية، فهي مرادة لله كونًا وشرعًا.
أما ما يقع من المعاصي فهي مرادة لله كونًا؛ لأنه لا يقع في الوجود شيء البتة إلا بإرادته، ومشيئته سبحانه.
لكن هل المعاصي محبوبة لله؟ لا بل هي مُبْغَضَة، وإن كانت واقعة بإرادته.
فالفرق بين الإرادتين من وجهين:
الأول: أن الإرادة الكونية عامة فكل ما في الوجود فهو مراد لله كونًا.
أما الإرادة الشرعية فإنها إنَّما تتعلق بما يحب ﷾.
قال أهل العلم: فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن، وطاعة المطيع.
وتنفرد الإرادة الشرعية في إيمان الكافر، فالكافر مطلوب منه الإيمان لكنه لم يحصل، فهو مراد لله شرعًا، لكنه غير مراد كونًا، إذ لو شاء الله لاهتدى ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ [يونس: ٩٩]، وكذلك الطاعة التي أُمِرَ بها العبد، ولم يفعلها مرادة لله شرعًا، لكنها لم تتعلق بها الإرادة الكونية؛ إذ لو تعلَّقت بها الإرادة الكونية لحصلت.
وتنفرد الإرادة الكونية في كفر الكافر ومعصية العاصي.
الثاني: أن الإرادة الكونية لا يتخلف مرادها أبدًا، أما الإرادة الشرعية فقد يقع مرادها، وقد لا يقع، فالله أراد الإيمان من الناس كلهم أراده