وفرَّق ابن القيم (١) بين هذين الاسمين: بأن الرحمن دالٌّ على الصفة القائمة به سبحانه، والرحيم دالٌّ على تعلُّقها بالمرحوم، فكان الأول: للوصف، والثاني: للفعل، فالأول: دالٌّ على أن الرحمة صفته، والثاني: دالٌّ على أنه يرحم خلقه برحمته. اه.
والرحمة من صفاته الذاتية ﷾ فإنه لم يزل ولا يزال متصفًا بالرحمة، وهو موصوف بالرحمة الفعلية التي تتعلق بها مشيئته، وهي صفة فعلية يرحم مَنْ يشاء، فلا يزال يرحم مَنْ يشاء كيف يشاء.
وقد أنكر المشركون اسمه الرحمن، فأنكر الله عليهم ذلك، وكفَّرهم قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (٦٠)﴾ [الفرقان] وقال تعالى: ﴿كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَاب (٣٠)﴾ [الرعد].
إذا الرحمن الرحيم اسمان من أسمائه الحسنى دالَّان على صفة الرحمة، وفي بعض الآيات التصريح بصفة الرحمة قال الله: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف: ١٥٦]، ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: ٧] ﴿فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين (٦٤)﴾ [يوسف].