للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعباد يوصفون بالرحمة، قال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩]، وقال : «الراحمون يرحمهم الرحمن» (١). فالعباد يُوصَفون بالرحمة، وليس هذا من التشبيه في شيء، فللمخلوق الرحمة التي تناسبه، وللرب الرحمة التي تناسبه وتليق به، وليست الرحمة كالرحمة، ولا الرحيم كالرحيم، فالله تعالى رحيم ﴿وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم (٩)[الحديد]، وكذلك المخلوق يسمَّى رحيمًا كما قال الله عن النبي : ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيم (١٢٨)[التوبة]، وليس الرؤوف كالرؤوف، ولا الرحيم كالرحيم.

فللمخلوق من هذه الأسماء، وهذه الصفات ما يناسبه وله تعالى ما يناسبه، ويليق بعظمته، وجلاله، وكبريائه.

وأهل السُّنة والجماعة منهجهم في هذه الصفات، وهذه الأسماء منهج واحد: إثبات ما أثبته الله لنفسه من الأسماء والصفات مع نفي التمثيل، ونفي العلم بالكيفية، وهذا معنى قول السلف: - في نصوص الصفات - «أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف».


(١) رواه أحمد ٢/ ١٦٠، وأبو داود (٤٩٤١)، والترمذي (١٩٢٤)، وقال: حسن صحيح، والحاكم ٤/ ١٥٩ وصححه، وقواه ابن تيمية في «الاستقامة» ص ٣١٢، وصححه الذهبي في «معجم الشيوخ» ١/ ٢٣، والعراقي في «الأربعين العشارية» ص ١٢٥، وحسنه الحافظ ابن حجر في «الإمتاع بالأربعين المتباينة بشرط السماع» ص ٦٣، وهو الحديث المسلسل بالأولية. انظر: المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة ص ٦، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص .

<<  <   >  >>