للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقولهم: جبل. ومعالم الطريق والدين، واحدها معلم. والعلام: الحناء. قوله: {الحمد لله رب العالمين} العالمون ليس جمع عالمٍ بدليلٍ أن عالمًا يطلق على كل موجودٍ سوى الله تعالى، وعالمون لا يطلق إلا على العقلاء؛ فاستحال أن يكون المفرد أم والجمع أخص، وهذا نظير ما منع سيبويه من جعله أعرابًا جمع عرب، لأن عربًا يعم البدوي والقروي، والأعراب مخصوص بالبدويين. وقيل: العالم لا يطلق إلا على أولي العلم ومنه اشتق. وكأن هذا الخلاف مبني على الخلاف في اشتقاقه مماذا؟ فإن قيل إنه مشتق من العلامة بمعنى أن كل موجود دال (على صانعه وموجده، فلا شك أن هذا المعنى موجود) سوى الله تعالى، فتطلق على العاقل وغيره من حيوانٍ وجمادٍ. وإن قيل: إنه مشتق من العلم فلا يطلق إلا على ذوي العلم، قيل: وحينئذ يصح جعله جمعًا لعالمٍ، إلا أن الأول هو المشهور. ولذلك يروى عن ابن عباسٍ: «إن لله تعالى ألف اسمٍ؛ ست مئةٍ في البحر وأربع مئةٍ في البر». وقال الراغب: والعالم: اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض. وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم. وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة. فالعالم آلة في الدلالة على صانعه. ولهذا أحالنا تعالى على ذلك في معرفة وحدانيته فقال: {أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض} [الأعراف:١٨٥]. وأما جمعه فلأن كل نوعٍ من هذه قد يسمى عالمًا؛ فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النار. وأيضًا فقد روى «أن لله تعالى بضعة عشر عالمًا وألف عالمٍ».

وأما جمعه جمع السلامة فلكون الناس في جملتهم. والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه. وقيل؛ إنما جمع هذا الجمع لأنه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والإنس دون غيرها، وقد روي هذا عن ابن عباسٍ. وقال جعفر بن محمدٍ الصادق: عني به الناس، وجعل لكل واحد منهم عالمًا. وقال: العالم عالمان: الكبير وهو الفلك بما فيه. والصغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم؛ فقد أوجد

<<  <  ج: ص:  >  >>