للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ع ي ن:

قوله تعالى: {والعين بالعين} [المائدة:٤٥] العين: الجارحة وهي أشهر الألفاظ المشتركة، ولها معانٍ كثيرة منها الجارحة كما تقدم، ومنها عين الماء، وعين الميزان، وعين الذهب، وعين الشمس. والعين أيضًا: المرئية للقوم تسميةً للكل باسم الجزء المقصود. قوله تعالى: {واصنع الفلك بأعيننا} [هود:٣٧] أي بحفظنا وكلاءتنا. ومثله: {ولتصنع على عيني} [طه:٣٩] أي لتربى على حفظٍ مني لك ومراعاةٍ، فاستعير ذلك من حفظ العين، لأن الحراسة فيما يتعارفه الناس تكون بملاحظة النظر. والباري تعالى منزه عن الجوارح. ومن كلامهم: فلان بعيني، أي احفظه وأراعيه، فجاء القرآن على هذا الأسلوب. وحاول الراغب أن يجعل العين من باب المشترك في المعنى، وهو المتواطئ لا المشترك اللفظي فقال: وتستعار العين لمعانٍ هي موجودة في الجارحة بنظراتٍ مختلفةٍ. واستعير للثقب في المزادة تشبيهًا بها في الهيئة وفي سيلان الماء منها، واشتق منها: سقاء عين ومعين: إذا سال منها الماء.

وقولهم: عين قربتك، أي صب فيها ما ينسد بسيلانه آثار خرزه. قال: وقيل للمتجسس: عين، تشبيهًا بها في نظرها، وذلك كما تسمى المرأة فرجًا والمركوب ظهرًا، فيقال: فلان يملك كذا كذا فرجًا وكذا كذا ظهرًا لما كان المقصود منهما العضوين. وقيل للذهب عين تشبيهًا في كونها أفضل الجوارح. ومن ثم قالوا لأفاضل القوم أعيان. ويقولون لبني أب أو أم أعيان. وقال بعضهم: العين إذا استعمل غي معنى ذات الشيء يقال لكل ماله عين كاستعمال الرقبة في المماليك وتسمية النساء بالفرج من حيث إنه المقصود منهمن. ويقال لمنبع عين تشبيهًا بها لما فيها من الماء. ومن عين الماء اشتق: ماء معين، وعنته: أصبته بعيني، نحو سفته: أصبته بسيفي، وذلك أنه يجعل تارةً من الجارحة المضروبة نحو: رأسته، وتارةً من الجارحة التي هي آلة الضرب فيجري مجرى سفته ورمحته. وعلى نحوه في المعنيين قولهم: يديت؛ فإنه يقال إذا أصبت يده وإذا أصبته بيدك. وعنت البئر: أثرت عينها.

<<  <  ج: ص:  >  >>