قوله تعالى:} بل يريد الإنسان ليفجر أمامه {] القيامة:٥ [أي أنه يسوف بالتوبة، والمعنى يريد الحياة ليتعاطى الفجور فيها. وقيل: معناه يذنب ويقول: غدًا أتوب، ثم لا يفعل؛ لبذله عهدًا لا يفي به، ومنه سمي الكاذب فاجرًا لأنه بعض الفجور. وأصل الفجور شق ستر الديانة والحياء، وذلك أن المادة تدل على شق الشيء وتوسعته، ومنه الفجر لأنه يشق الليل شقًا واسعًا. والفجر فجران: كاذب وصادق؛ فالأول كذنب السرحان يظهر ثم يخبو. والثاني هو الذي يعترض في الأفق ثم يمضي متزايدًا ضوؤه، وهو الذي تناط به أحكام الصوم والصلاة وغير ذلك.
قوله تعالى:} وفجرنا الأرض عيوناً {] القمر:١٢ [أي شققناها شقوقًا واسعة تنبع منها المياه، ومنه قوله تعالى:} فتفجر الأنهار خلالها تفجيرًا}] الإسراء:٩١ [. ويقال: فجرت الشيء مخففًا ومثقلًا، وبهما قرئ قوله تعالى:} حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعًا {] الإسراء:٩٠ [.
وفجر الرجل يفجر فجورًا فهو فاجر، والجمع فجار وفجرة. وقال تعالى: في موضع:} كلا إن كتاب الفجار لفي سجين {] المطففين:٧ [وفي آخر:} أولئك هم الكفرة الفجرة {] عبس:٤٢ [وذلك لما فيه من شق ستر الديانة كما قدمت تحقيقه. وقيل: أصل الفجور الميل عن القصد. وقال بعضهم في قوله تعالى:} بل يريد الإنسان ليفجر أمامه {أي يكذب بيوم القيامة الذي سيأتي، فهو أمامه، والكاذب فاجر فالمعنى يكذب بما أمامه من الحساب وغير ذلك، وأنشد بعضهم قول بعض الأعراب:] من الوافر [
١١٧٦ - أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما مسها من نقب ولا دبر