قال تعالى:{طيرًا أبابيلَ}[الفيل: ٣] هذا من صيغِ التكسيرِ التي لم يُسمعْ مفردُها، ومثلُه عباديدُ، وشماطيطُ، وأساطيرُ. وقيلَ: بل لها واحدٌ من لفظتها، وكأنه قياسٌ لا سَماعٌ. فقيلَ: إِبِّيلٌ، وقيلَ: إِبَّولٌ مثلُ: عجوْل وعَجاجيل. وقيلَ: إِبَّالة.
وظاهرُ كلامِ العُزَيزيِّ أنَّ هذهِ المسألةَ مسموعةٌ؛ فإِنه بعدَ ذكرِه إياها، قالَ:«ويقالُ هذه أجْمعٌ لا واحدَ لها»، والمختارُ قولُ غيرِه، ولذلك يُنسبُ إِليها فيقالُ عبَاديديٌّ وأبابيليٌّ.
وحكى الرُّؤاسيُّ، وكانَ ثقةً، أنه سمعَ إِبّالةَ مُثقَّلاً. وحكى الفرَّاءُ: إِبَالة مخفَّفًا قال: وسمعتُ بعضَ العربِ يقولُ: «ضِغْثٌ على إِبَّالةٍ» أي حَطبٌ على حطبٍ، وهو مشكلٌ من حيثُ ظهورُ الياءَين في الجمع، ولو كان مخفَّفًا لم تردْ في الجمع ياءَين. قال: ولو قالَ إِيبالة كان صوابًا مثلُ دينار ودنانيرٍ. قلتُ: دينارٌ أصلُه دِنّارٌ، ولذلك قيلَ: دَنانيرُ. وإنما أُبدلَ أحدُ المثلين حرفَ علةٍ تخفيفًا. يقولُ: فكذلك هذا، ومثلُه: قيراط وقراريط وديوان ودواوين. ومعنى {طيرًا أبابيل} أي «جماعاتٍ في تَفرِقةٍ حَلْقة، حلْقةً».
قال الراغبُ:«مُتفرقةً كقطعانِ إِبلٍ، واحدُها إِبيلٌ». فرجعَ بها إِلى لفظِ الإِبل.