والثاني: أن يوصف به من يشبع بما ليس له ويتكلف ذلك، وهذا في أوصاف الناس كقوله تعالى:{كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبارٍ}[غافر: ٣٥] قرئ بإضافة القلب إليه. ويوصف القلب بالمتكبر، ولا يجوز أن يوصف بالثاني غير الباري تعالى: وجوز ذلك الراغب فقال: ومن وصف بالتكبر على الوجه الأول فمحمود. ثم قال: ويدل على أنه قد يصح أن يوصف الإنسان بذلك ولا يكون مذمومًا.
قوله:{سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}[الأعراف: ١٤٦] فافهم أن التكبر فيها بحق سائغٍ، وفيه نظر لأنه من باب قوله:{ومن يدع مع الله إلهًا آخر لا برهان له به}[المؤمنون: ١١٧] إذا لا مفهوم لهذه الصفة، أو يكون فائدة قوله:{بغير الحق} أنهم لو سئلوا عن تكبرهم لأجابوا بأنه بغير حق كما قيل ذلك في قوله: {ويقتلون الأنبياء بغير حق}[آل عمران: ١١٢].
والكبر: كبر السن، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:"كبر الكبر" أي قدموا الكبير منكم. والكبرياء: الترفع عن الانقياد والطاعة. وذلك لا ينبغي أن يوصف بها غير الله تعالى، ولذلك قال:{وله الكبرياء}[الجاثية: ٣٧] أي له خاصةً لا لغيره. وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حكاه عن ربه:"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في شيءٍ منهما قصمته".
والكبار: مخففًا أبلغ من الكبير. وأنشد:[من البسيط]
١٣١٨ - كحلفةٍ من أبي دثارٍ ... يسمعها لاهه الكبار
والكبار -مشددًا- أبلغ منه قال تعالى:{ومكروا مكرًا كبارًا}[نوح: ٢٢].