للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكذب إليها مبالغةً نحو: نهاره صائمٌ. وقيل: عبر بالبعض عن الكل وأتى بأشرف ما فيه وأعلى، فوصفه بأقبح الصفات وهو الكذب والخطأ، وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: «كذب عليك الحج» قال بعضهم: معناه وجب عليك فعليك به، قال: وحقيقته أنه في حكم الفائت لبطء وقته كقولك: قد فات الحج فبادر أي كاد يفوت. و «كذب عليك العسل» أي عليك العسل، فهو إغراءٌ، واختلف الناس فيما بعد عليك من هذا الكلام؛ فبعضهم يرويه بالرفع على أنه فاعل «كذب» ويقول: هو بمعنى وجب ونقل عن معناه الأصلي إلى هذا المعنى، ووجه النقل ما قدمته من البطء؛ قال الهروي: وفي حديث عمر «كذب عليكم الحج، كذب عليكم الجهاد» قال أبو عبيد؛ قال الأصمعي: معناه الإغراء، قال: وكان وجهه النصب ولكنه جاء شاذًا مرفوعًا ومثله حديثه الآخر: «شكا إليه رجلٌ النقرس فقال: كذب عليك الظهائر» أي عليك بالمشي فيها. ومنه الحديث في من احتجم يوم الخميس والأحد: «كذباك» أي عليك بهما. وفي حديث علي كرم الله وجهه: «كذبتك الحارفة» أي عليك بمثلها. وقال الفراء: معنى كذب عليك: وجب عليك، وهو الكذب في الأصل في معنى قوله: «كذب عليكم الحج» أن قيل: لا حج فهو كذبٌ، وقال أبو سعيد: معناه الحض؛ يقول: إن الحج ظن بكم حرصًا عليه ورغبةً فيه فكذب ظنه. قلت: ورواه الراغب بالنصب؛ لكنه في العسل فقال «وكذب عليك العسل» بالنصب أي عليك بالعسل، وذلك إغراءٌ، وقيل: العسل هنا العسلان؛ وهو ضربٌ من السير، ولم يذكر في لفظ الحج شيئًا من رفعٍ ولا نصبٍ. والظاهر أنه لا فرق بين لفظٍ ولفظٍ مع إيجاد المعنى، ويؤخذ من كلام الفراء أن «كذب» ردٌ لكلامٍ متكلمٍ مرادٍ كأن قائلًا قال: لا حج، فقيل في جوابه: كذب. ويكون

<<  <  ج: ص:  >  >>