ومنه الحديث المتقدم أيضًا:«إن أطيب ما أكل المرء من كسبه» الحديث. وقد ورد في الكتاب العزيز استعمال الكسب في الصالح والسيئ وكذلك الاكتساب؛ فمن ورود الكسب في الصالح قوله تعالى:{أو كسبت في إيمانها خيرًا}[الأنعام: ١٥٨] ومن وروده في السيئ: {بلى من كسب سيئة}[البقرة: ٨١]{كسبوا السيئات}[يونس: ٢٧]{أن تبسل نفسٌ بما كسبت}[الأنعام: ٧٠] قوله: {ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت}[البقرة: ٢٨١] شاملٌ للأمرين جميعًا، ومن ورود الاكتساب في الصالح قوله:{للرجال نصيبٌ مما اكتسبوا وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن}[النساء: ٣٢]. ومن وروده في غيره قوله تعالى:{وعليها ما اكتسبت}[البقرة: ٢٨٦] وقد تقدم ما في ذلك.
ك س ف:
قوله تعالى:{أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفًا}[الإسراء: ٩٢] الكسف جمع كسفة، وهي القطعة التي تسقطها علينا قطعًا. وأصله من قولهم: كسفت الثوب أكسفه كسفًا أي قطعته قطعًا، حكاه أبو زيدٍ.
وكسفت عرقوب البعير، وإنما يقال كسحت لا غير. والكسفة: القطعة من السحاب والقطن ونحوهما من الأجسام المتخلخلة.
وكسوف الشمس والقمر: استتارهما بعارضٍ في علم الله تعالى. ومنهم من خص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر. ثم استعير ذلك لتغير الوجه والحال، فقيل: كسف وجهه وحاله وماله، قال الشاعر:[من الخفيف]
١٣٤٣ - ليس من مات فاستراح بميتٍ ... إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبًا ... كاسفًا باله قليل الرخاء
قال شمرٌ: الكسوف في الوجه صفرةٌ وتغيرٌ، وقال أبو زيد: كسف باله: إذا حدثته نفسه الشر. وقيل: كسوف البال: أن يضيق عليه أمله، وقال الشاعر:[من البسيط]