قوله:{إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا}[النساء: ١٣٧]: قيل: عني بهم آمنوا بموسى ثم كفروا بمن بعده. وقيل: آمنوا بموسى ثم كفروا به إذ لم يؤمنوا بغيره. وقيل: إشارةٌ إلى المذكورين في قوله: {وقالت طائفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره}[آل عمران: ٧٢] لم يرد أنهم آمنوا مرتين [وكفروا مرتين] بل إشارةٌ إلى أحوالٍ كثيرةٍ. قيل: كما يصعد الإنسان في الفضائل ثلاث درجاتٍ ينعكس في الرذائل ثلاث درجات.
وقد يعبر بالكفر عن التكذيب ولذلك تعدى تعديته لقوله تعالى:{ومن يكفر بالله}[بالنساء: ١٣٦].
ويقال: كفر إذا اعتقد الكفر أو أظهره ولم يعتقده، ولذلك قال تعالى:{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}[النحل: ١٠٦]. وقد يعبر بالكفر عن التبري؛ قال تعالى:{ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعضٍ}[العنكبوت: ٢٥].
وكفر فلانٌ بكذا، أي بسببه، نحو:{فمن يكفر بالطاغوت}[البقرة: ٢٥٦]. وكفر فلانٌ بالشيطان: إذا خالفه وآمن به.
قوله تعالى:{فكفارته}[المائدة: ٨٩] أي فالذي يمحوه. والكفارة: ما يستر الذنب؛ سميت بذلك بصفةٍ من أمثلة المبالغة نحو ضاربة وعلامة، نحو: كفارة القتل والظهار واليمين. والتكفير: ستر ذلك. وقيل: سميت كفارة لإزالتها الإثم، وفيهما نظرٌ من حيث إن الكفارة تجب فيما لا إثم فيه وهو القتل خطأ، وقال بعضهم: أو يصح أن يكون أصله إزالة الكفر والكفران، كما أن التمريض إزالة المرض، والتقذية إزالة القذى.
قوله تعالى:{لكفرنا عنهم سيئاتهم}[المائدة: ٦٥] أي محوناها كأن لم توجد ونحوه قوله تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}[هود: ١١٤].