صدقه على ثلاثةٍ فأكثرَ. وقولُه تعالى:{أفلا ينظرُونَ إِلى الإِبِلِ كيفَ خُلِقَتْ}[الغاشية: ١٧]. قيلَ: هي النَّعمُ المعروفةُ. وعن المبرِّد: هي السحائبُ؛ حكاها الماورديُّ وغيرهُ. وإلى ذلك ذهبَ المبردُ. قال الثعلبيُّ: لم أجدْه في كتبِ الأئمةِ. قلتُ: قد حكى ذلك قبلَه الأصمعيُّ. وقال أبو عَمرِو بنُ العلاءِ: مَن قرأ الإِبلَ بالتخفيف عنَى به البعيرَ، ومَن قرأَ بالتَّثقيل عَنى بها السَّحابَ التي تحملُ ماءَ المطرِ. قال الراغبُ:«فإنْ لم يكن ذلك صحيحًا فعلى تشبيهِ السحابِ بالإبلِ وأحوالهِ». وإنما ذكرهم بالإِبل وإِن كان غيرُها من الحيواناتِ أعجبَ منها كالفيل والزرافة، لأن العربَ لم تألفْه، ولأنَّ فيها منافعَ لم تجتمعْ في غيرها، فإنها حلوبةٌ ركوبةٌ حَمولةٌ مأكولةٌ.
وقد سُئل الحسنُ عن ذلك فأجابَ بأن العرب بعيدةُ العهدِ بالفيل، قال: ولأنَّ الفيلَ خنزيرةٌ لا يُؤكل لحمُها، ولا يُركب ظهرُها، ولا يُحلبُ درُّها. وأيضًا إِنَّ أصغر الآدميين يَجُرُّ الأباعرَ الكثيرةَ فتطيعهُ.
ويقالُ:«أبَلَ الوحشيُّ يأبِلُ أبُولاً، وأَبِلَ يأبَلُ أَبلاً: أجزأَ عن الماءِ تشبيهًا بالإِبل في صبرِها عنه». قاله الراغبُ، وقالَ الهرويُّ: أبلَتِ الإِبلُ وتأبَّلتْ اجتزأتْ بالرُّطبِ عن الماء. وتأبَّل الرجلُ عن امرأتهِ: بعُدَ عنها من ذلك لأنه يجزِئُ بصبرِه عنها، وفي الحديثِ:«تأبَّلَ آدمُ عليه السلام على حواءَ بعدَ مقتل ابنهِ» أي توحَّش عنها، وتركَ غِشيانَها.
«وأبَّل الرجلُ: كثُرت إِبلُه. ورجلٌ أَبِلٌ وآبِلٌ: حسنُ القيامِ على الإِبل. وإِبلٌ مُؤبَّلةٌ: أي مجتمعةٌ. والإِبالةُ: الحزمةُ من الحطبِ تشبيهًا بذلكَ». ويقالُ في النسب: إِبَليّ بفتح الباء، ويقالُ: إِبْلي بسكون الباء. ولم يجئْ من الأسماءِ على «فِعِل» إلا: إِبلِ، وإِبد،