للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدامهم، فتبعوه. وأصل المادة على الانتصاب والتصوير، يقال: مثل بين يديه أي انتصب، ومنه الحديث: «من أحب أن يمثل الناس له قيامًا فليتبوأ مقعده من النار»

والممثل: هو الشيء المصور على مثال غيره، وتمثل كذا: تصوره بصورته؛ قال تعالى: {فتمثل لها بشرًا سويًا} [مريم: ١٧].

قوله تعالى: {ويذهبا بطريقتكم المثلى} [طه: ٦٣] أي القربى إلى الخير والفضل، فالمثلى تأنيث الأمثل، والأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفضل والأقرب إلى الخير وأماثل القوم: كنايةٌ عن خيارهم، وعليه قوله تعالى: {إذ يقول أمثلهم طريقةً} [طه: ١٠٤] أي الأقرب إلى الصواب وقال ابن عرفة في قوله: {بطريقتكم المثلى} أي يصرفان وجوه الناس الأماثل إليهما يعني يغلبان على الأشراف. قيل: والأماثل يجوز أن يكون جمع أمثل، وأن يكون جمع أمثال، وأمثالًا جمع مثل. والمثل: سيد القوم وخيارهم. وسأل أبو الهيثم رجلًا فقال: ائتني بقومك، فقال: إن قومي مثلٌ، فقال أبو الهيثم: يريد أنهم ساداتٌ ليس فوقهم أحدٌ وعلى هذا فمثل يكون للواحد والجمع وكأن السادات لما كانوا في الغرابة بالنسبة إلى زيادة الخير أطلق عليهم لفظ المثل لذلك. وقال في قوله تعالى: {أمثلهم طريقةً} أي أرشدهم مذهبًا. وقولهم: المريض أمثل حالًا من أمس، من ذلك أي أقرب إلى الصحة وأدنى إلى الخير.

وفي الحديث: «نهى أن يمثل بالدابة وأن تؤكل الممثل بها» كانوا ينصبون الدابة عرضًا يرمون عليها. فنهاهم عن ذلك وعن أكلها إذا فعل بها ذلك لأنه ميتةٌ إذ لا يقدر على ذكاتها ويقال بهذا المعنى: مثل به يمثل مثولًا فهو ماثلٌ وممثولٌ. وفي الحديث: «وأن تؤكل الممثول بها»

والمثلة: التشويه بالقتل كقطع المذاكير وصلم الأذن وجدع الأنف، وفي الحديث: «نهى عن المثلة» ولما رأى عليه الصلاة والسلام عمه حمزه وقد مثلت به كفار قريشٍ قال: «لأمثلن بسبعين رجلًا» فنزل قوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به

<<  <  ج: ص:  >  >>