قوله:{لو أنزلنا هذا القرآن على جبل}[الحجر: ٢١ - ٢٢] ولم يقل: نزلنا، منبهًا أنا لو خولناه مرة واحدة ما خولناك مرارًا لرأيته خاشعًا متصدعًا. قوله:{قد أنزل الله إليكم ذكرًا رسولًا}[آل عمران: ٤٥] قيل؛ أراد بإنزال الذكر هنا بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما سمي عيسى عليه السلام ((كلمة)).فعلى هذا يكون قوله:{رسولًا} بدلا من قوله: {ذكرًا}. وقيل: أراد إنزال ذكره، فيكون رسولًا مفعولًا لقوله:{ذكرًا} أي ذكرًا رسولًا. قلت ويجوز أن يكون ((ذكرًا)) مفعولًا له، ورسولًا مفعول الإنزال. فإن قل: قد اختلف الفاعل؛ فإن فاعل الإنزال غير فاعل الذكر، فالجواب: إنا وإن سلمنا اشتراط ذلك فالفاعل متحد، لأن الذكر بمعنى التذكر، أي أنزل الرسول ليذكركم به. وهو معنى حسن طائل. قال: وأما التنزل فكالنزول به؛ يقال: نزل الملك بكذا، وتنزل. ولا يقال: نزل الله بكذا، ولا تنزل؛ قال تعالى:{نزل به الروح الأمين}[الشعراء: ١٩٣] وقال تعالى: {تنزل الملائكة والروح فيها}[القدر: ٤] ولا يقال في المفترى والكذب، وما كان من الشياطين إلا التنزل؛ قال تعالى:{وما تنزلت به الشياطين}[الشعراء: ٢١٠] قوله: وما كان من الشياطين ثم تلا قوله تعالى: {وما تنزلت به الشياطين} ليس مطابقا لذلك، لأن ((ما)) نافية، أي أن الشياطين لم تنزل به، أي بالقرآن.
قوله تعالى:{هذا نزلهم يوم الدين}[الواقعة: ٥٦] النزل: ما يعد للنازل من الضيافة؛ أنزلته: أضفته. فمن ثم قيل: إن هذا على سبيل التهكم نحو: {فبشرهم}[آل عمران: ٢١] ت. وإنه لم يكن لهم نزول إلا هذا كقوله:[من الوافر]
١٦٢٦ - تحية بينهم ضرب وتجميع
قوله:{نزلًا من عند الله}[آل عمران: ١٩٨] هذا على بابه، وقيل: ثوابًا ورزقًا. وهو بمعنى الأول. قوله:{وأنا خير المنزلين}[يوسف: ٥٩] هو من: أنزلته، أي أضفته.