بظهور جلدهم من الشعر والصوف والوبر بخلاف الحيوانات فإنها مستترة بما ذكر. وذلك أن البشرة ظاهر الجلد، والأدمة: باطنه، نقله الراغب عن عامة الأدباء. وجمعها بشر وأبشار.
والبشر: مجتمع فيه الواحد والجمع كقوله:} قل إنما أنا بشر {[الكهف: ١١٠]} ما أنتم إلا بشر {[يس: ١٥]، لكنه يثنى كقوله:} أنؤمن لبشرين مثلنا {[المؤمنون: ٤٧]، وينبغي أن يكون هذا مثل ذلك في دلاص وهجان، أعني أنه جمع تكسيرٍ. والتعبير فيه تقديري لوجود التثنية، كما قال سيبويه في هذه الأحرف.
قوله تعالى:} وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرًا {[الفرقان: ٥٤] إنما قال:} بشرًا {لأنه خص في القرآن كل موضعٍ اعتبر في الإنسان حسيه وظاهره بلفظ البشر.
ولما أراد الكفار الغض من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اعتبروا ذلك} فقالوا أبشرًا منًا واحدًا تتبعه {[القمر: ٢٤]} أنؤمن لبشرين {[المؤمنون: ٤٧]} ما أنتم إلا بشر {. وقوله تعالى:} قل إنما أنا بشر مثلكم {تنبيه أن الناس يتساوون في البشرية ولكن يتفاضلون في المعارف الجليلة. ولقد أعقبه بقوله:} يوحي إلي {[سبأ: ٥٠] يعني أنا وإن شاركتكم في البشرية إلا أن الله تعالى خصني من بينكم بهذا الإيحاء. تنبيهًا بما ميز به عليهم. وقوله:} ما هذا إلا بشر {[المؤمنون: ٢٣] تنبيه أنه لحسنه الفائق يمتنع أن يكون بشرًا بل ملك، لأن البشر يقدم لهم مثل هذا. وفي الأذهان إنه لا أحسن وأضوأ من الملك، كما أنه لا أقبح من الشيطان. وإنه لم ير لا هذا ولا ذاك. وتعلق بها من يفضل الملك على البشر، ولا دليل له فيه لما ذكرنا، ولو سلم فالزيادة في الحسن لا تقتضي التفضيل.