قوله:{إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون}[الجاثية: ٢٩] أي نأمر الحفظة باستنساخه وكتبه، وذلك الإقامة الحجة عليهم، وإلا فالباري تعالى على أفعالهم قبل أن يخلقهم، وقبل أن تصدر منهم. والمناسخة، أن يموت مورث، ثم يموت بعض ورثته قبل أن تقسم تركة الأول. والتناسخية: قوم يزعمون أن لا بعث ولا نشور، بناءًا على مذهبهم الفاسد، وأن هذه الأرواح إذا خرجت من جسد حلت في جسد آخر، بحسب خيريته وشريته؛ فإن كان خيرًا حلت في جسد صالح وصورة حسنة، وإلا ففي أقبح صورة. فروح زيد أن تحل في مثله، أو كلب أو ذبابة، أو زنبور. وكذا روح الزنبور. ويذكرون على ذلك أدلة باطلة، وحججًا داحضة، يموهون بها على ضعفهم، نعوذ بالله مما خالف ما جاءت به أصحاب الشرائع صلوات الله وسلامه عليهم.
ن س ر:
قوله تعالى:{ونسرًا}[نوح: ٢٣] قيل: هو اسم صنم، وكان وج وسواع ويغوث، ويعوق ونسر أصنامًا تعبد من دون الله. قيل: كان ود على صورة صنم لكلب، وسواع لهمدان، ويغوث لمذحج، ويعوق لمراد، ونسر لحمير. وكان ود على صورة رجل، وسواع امرأة، ويغوث أسدًا، ويعوق فرسًا، ونسر نسرًا. وقيل: كانوا قومًا صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا اتخذوا صورهم ليتذكروا أعمالهم، فطال الزمان وجاءت الأبناء، فجاءهم إبليس وقال: أما ترون هذه التماثيل؟ فقالوا: نعم. فقال: كان آباؤكم يعبدونها. فعبدوها ثم جاءت عبادة الأصنام.
والنسر في الأصل اسم الطائر، قيل: كان الصنم على صورته. النسر أيضًا نجم في السماء معروف. قال:[من الطويل]
١٦٣٦ - تنظرت نسرًا والسماكين أيها ... على من الغيث استهلت مواطره
وكان من حقه أن يلزمه الألف واللام لأنه علم بالغلبة، وإنما شذ حذفها منه كقولهم: هذا عيوق طالعًا، وهما نسران: نسر طائر ونسر واقع، تشبيها في الصورة.
والنسر أيضًا مصدر نسر الطائر الشيء بمنسره، أي نقره بمنقاره. والنسر لحمه ناتئة