الله} [البقرة:١٤٣] أشار به إلى من هداه الله بالتوفيق المذكور في قوله: {والذين اهتدوا زادهم هدى}[محمد:١٧] قال بعضهم: الهداية والهدى في موضوع اللغة واحد، ولكن خص الله تعالى لفظ الهدى بما تولاه وأعطاه. واختص به هو دون ما هو إلى الإنسان، نحو:{هدى للمتقين}[البقرة:٢]
والاهتداء: يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختبار، إما في الأمور الدنيوية أو الأخروية كقوله تعالى:{وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر}[الأنعام:٩٧] فهذا يجوز أن يكون للهدايتين، لأنهم يهتدون بها في أسفارهم وإلى الجهة التي يتعبدون إليها لله تعالى.
ويقال أيضًا: اهتدى إذا طلب الهداية. ومنه:{قد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين}[الأنعام:٥٦] وإذا تحراها أيضًا. ومنه:{وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون}[البقرة:٥٣] أي تحرون هدايتكم فيهما. والاهتداء أيضًا: الاقتداء بالعلماء. ومنه قوله تعالى:{أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئًا ولا يهتدون}[المائدة:١٠٤] منبهة على أنهم لا يعلمون بأنفسهم، ولا يقتدون بمن يعلم. وقوله:{فمن اهتدى فلنفسه}[الزمر:٤١] هذا يتناول وجوه الاهتداء المتقدمة بأسرها من طلب الهداية وتحريها والاقتداء بالعلماء.
وقيل في قوله تعالى:{وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى}[طه:٨٢] أي ثم أدام طلب الهداية، ولم يفتر عن تحريها. ولم يرجع إلى المعصية. وفي قوله تعالى:{أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}[البقرة:١٥٧] أي تحروا الهداية وقبلوها وعملوا بها ولم يخلوا بشرائطها. قوله تعالى:{والهدي معكوفًا}[الفتح:٢٥]، الهدي: ما يهدى إلى البيت الحرام من الأنعام. والهدية: مختصة باللطف الذي يهدي بعضنا لبعضٍ. قال تعالى:{وإني مرسلة إليهم بهدية}[النمل:٣٥]. وفيه لغتان: هدي وهدي. قال الهروي: الهدي والهدي لغتان وهما ما يهدى لبيت الله تعالى من بدنةٍ وغيرها، وهذا أعم مما ذكرناه أولًا، والواحد هدية وهدية. وقال الفراء: أخل الحجاز وبنو أسدٍ يخففون الهدي، وتميم وسفلى قريشٍ يثقلون الياء. وأنشد الفرزدق:[من الوافر]