الحد عني. فقال: وأين درأ عنك الحد؟ فتلا قوله تعالى:{ألم ترأنهم في كل وادٍ يهيمون وأنهم يقولون مالا يفعلون}. فضحك وتركه. ومنه أيضًا ما جاء في الحديث:"كان ابن عباسٍ أعلم الناس بالقرآن. وكان علي أعلم بالمهيمات" أي دقائق المسائل التي تهيم الإنسان، أي تحيره. ويروى:"بالمهيمنات أي بالقضايا، لأن القضاة يقومون بها. والمهيمن على الشيء: القائم به. وقد تقدم ذكره في مادة (هـ م ن) فأغنى عن إعادته.
هـ أ:
قوله تعالى:{ها أنتم}[آل عمران:٦٦] ها: حرف تنبيهٍ يدخل على أسماء الإشارة نحو: هذا وهذه وهؤلاء. وتدخل على سائر أسماء الإشارة إلا فيما اتصل منها باللام، فلا يقال: ها ذلك. وقد يجاء مع الكاف وحدها نحو: ها ذاك. وأنشد لطرفة بن العبد:[من الطويل]
١٧٧٠ - رأيت بني غبراء لا ينكرونني ... ولا أهل ها ذاك الطراف المدد
وتفصل من أسماء الإشارة بضمائر الرفع المنفصلة نحو:{ها أنتم أولاء تحبونهم}[آل عمران:١١٩]. وقد يعاد توكيدًا كقوله تعالى:{ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم}[النساء:١٠٩] فها الثانية توكيد للأولى، وحسن ذلك الفصل وفيه نظر؛ لأنه لا يؤكد الحرف إلا بإعادة ما دخل عليه، أو بإعادة ضميره إلا في ضرورةٍ، أو يكون حرف جوابٍ. وقد تحذف ألف ها تخفيفًا نحو قراءة من قرأ: "هأنتم" بالقصر وقيل: الهاء بدل من همزة الاستفهام، والأصل أأنتم. وفي هذا الحرف قراءات كثيرة، وتوجيهاتها صعبة، قد اضطرب كلام الناس فيها. وقد أتقنا بحمد الله تعالى ذلك كله في "الدر المصون" و"الدر النضيد".