للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام: "العلماء ورثة الأنبياء" إشارة إلى ما يورثونه من العلم، والتقدير عليه والأمر به دون إحداث شريعةٍ أخرى. وفي قوله: "الأنبياء" دقيقة، وذلك أن شأن النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرر شريعة من تقدمه من الرسل، ويحمل الناس عليها من غير تشريع جديد بخلاف الرسول فإنه يأتي بشريعةٍ أخرى غير التي كانت لمن قبله. فلذلك قال "ورثة الأنبياء" ولم يقل: "ورثة الرسل" فإن كل رسولٍ نبي من غير عكسٍ.

وقال عليه الصلاة والسلام لابن عمه علي: "أنت أخي ووارثي. قال: وما إرثك؟ قال: ما ورثت الأنبياء قبلي؛ كتاب الله وسنتي" وناهيك بهاتين المنقبيتين لأمير المؤمنين لو لم يكن غيرها لكفتاه فخرًا. قوله: {أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [الأنبياء: ١٠٥] أي يتمكنون فيها فيكونون كما أخبر عنهم {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر} [الحج: ٤١] لأنهم يتكبرون على أهلها ويرثون عنهم أموالها وخراجها، ويضيقون عليهم مسالكها ومساكنها، ويخيفون سبلها. قال بعضهم في هذه الآية: الوراثة الحقيقية أن يحصل للإنسان شيء لا يكون عليه ولا فيه تبعة ولا عليه محاسبة. وعباد الله الصالحون لا يتناولون شيئًا من الدنيا إلا بقدر ما يجب، وعلى الوجه الذي يجب. ومن تناول الدنيا على هذا الوجه لا يحاسب عليه ولا يعاقب، بل يكون ذلك عفوًا صفوًا. كما وري: "من حاسب نفسه في الدنيا لم يحاسبه الله في الآخرة".

ور د:

قوله تعالى: {ولما ورد ماء مدين} [القصص: ٢٣]. أصل الورود قصد الماء، ثم يستعمل في غيره اتساعًا. قال تعالى: {فأوردهم النار} [هود: ٩٨]. وقال: {وإن منكم إلا واردها} [مريم: ٧١]. والورود: الماء المرشح للورود. وقيل في قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} أي حاضرها وإن لم يشرع فيها. وقيل: يقتضي ذلك الشروع إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>