الجنب على وجهين: أحدهما: الذهاب عن ناحيته، والثاني: الذهاب إليه. فمن الأول:{والذين اجتنبوا الطاغوت}[الزمر: ١٧]{فاجتنبوه لعلكم تفلحون}[المائدة: ٩٠] أي اتركوه، وهو أبلغ منه، لأن معنى "اجتنبوه" اتركوا ناحيته وابتعدوا عنها. وهذا أبلغ من قولك: اتركوه. ومثله في المعنى: لا أرينك ها هنا؛ نهاه عن قربنا مكان الرؤيا فهو أبلغ من قوله: لا تجئني.
وقوله:"فلا تحرمني نائلاً عن جنابةٍ" أي بعدٍ، وقوله تعالى:{واجنبني وبني}[إبراهيم: ٣٥] أي أبعدني، من جنبته عن كذا أي أبعدته. قال الراغب: وقيل: هو من جنبت الفرس، كأنما سأله أن يقوده عن جانب الشرك بألطافٍ منه وأسبابٍ خفيةٍ.
والجنب: الروح في الرجلين عن الأخرى خلقة. والريح الجنوب: يحتمل أن تكون سميت بذلك لمجيئها من جنب الكعبة، أو لذهابها عنه لوجود المعنيين فيها. وجنبت الريح: هبت جنوبًا. وجنبت زيدًا: أصابته الجنوب. وأجنب: دخل فيها. وسحابة مجنوبة: هبت عليها. وجنب فلان خيرًا أو شرًا إلا أنه متى أطلق لا يكون إلا عن الخير. ويقال ذلك في الخير والدعاء. وجنب الحائط وجانبه: ناحيته.
ج ن ح:
قوله تعالى:{وإن جنحوا للسلم}[الأنفال: ٦١] أي مالوا {فاجنح لها} أي مل. وأصله من: جنحت السفينة أي مالت بأحد جانبيها، وجانباها: جناحاها. وأصل هذا من جناح الطائر؛ قال تعالى:{ولا طائر يطير بجناحيه}[الأنعام: ٣٨]. وجنحت الطائر: أصبت جناحه، ثم عبر عن جانبي الشيء بجناحيه؛ فقيل: جناحا الإنسان ليديه، كما قيل لجناحي الطائر يداه على الاستعارة فيهما. وجناحها السفينة، وجناحا الوادي، وجناحا العسكر.