٤٥ - شَدَّ على أمرِ الورودِ مئْزرَهْ ... ليلاً، وما نادَى أّذينُ المَدَرَهْ
أي مُؤذِّنُ البلدِ. وقولُه:{وإذْ تأذَّنَ ربُّكَ}[الأعراف: ١٦٧] تفعَّل بمعنى أعلمَ. وقولُه:{فأذَّنَ مُؤذِّنٌ}[الأعراف: ٤٤] أي نادَى مُنادٍ أعلمَ وبنادئه. ولما ذَكرَ الراغبُ الأُذُنَ التي هيَ الجارحةُ قالَ: وأذِنَ: استمعَ نحو: {وأَذِنَتْ لربِّها وحُقَّتْ}[الانشقاق: ٢]. ويُستعمل ذلك في العلمِ الذي يُتوصَّلُ إليه بالسَّماع نحو:{فأذَنُوا بحرْبٍ منَ الله}[البقرة: ٢٧٩].
والإذْنُ والأَذانُ لِما يُسمَعُ، ويُعبَّر بذلك عن العلمِ، إذ هوَ مَبدأُ كثيرٍ منَ العلمِ. وأّذِنْتُه وآذنْتُه بمعنىً. والأذِينُ: المكانُ الذي يأتيهِ الأذان. والإذنُ في الشيءِ: إعلامٌ بإجازتهِ والرُّخصَةِ فيه، نحو:{إلا ليطاعَ بإذْنِ الله}[النساء: ٦٤] أي بإرادتهِ وأمرهِ. قالَ: لكنْ بينَ العلمِ والإذنِ فرقٌ؛ فإنَّ الإذْنَ أخصُّ، إذا لا يكاد يستعملُ إلا فيما فيه مشيئةٌ ضامَّةٌ للأمرِ أو لم تُضامَّه؛ فإنَّ قولَه تعالى:{وما كانَ لنفسٍ أن تؤمنَ إلا بإذنِ الله}[يونس: ١٠٠] معلوم؛ فإن فيه مشيئتَه وأمرَه. قال: وقولُه: {وما هم بضارِّينَ به مِن أحدٍ إلا بإذنِ الله}[البقرة: ١٠٢] فيه مشيئتُه من وجهٍ، وهو أنَّه لا خلافَ في أنَّ اللهَ أوجدَ في الإنسانِ قوَّةً فيها إمكانُ الضَّربِ من جهةِ مَن يظلمُه فيضرُّه، ولم يجعلْه كالحجرِ الذي لا يوجعُه الضربُ. ولا خلافَ أنَّ إيجادَ هذا الإمكانِ مِن فعلِ اللهِ تعالى، فمن هذا الوجه يصحُّ أن يقالَ: إنه بإذن الله ومشيئته يلحقُ الضررُ من جهة الظالم. قلتُ: وهذا الاعتذارُ منه لأنهُ ينحو إلى مذهبِ الاعتزال.
وإذَنْ: حرفُ جوابٍ وجزاءٍ، والجوابُ معنىً لا يفارقُها، وقد يفارقُها الجزاءُ. وينصبُ المضارعَ بشروطٍ ثلاثةٍ: