وقوله {فخرج على قومه في زينته}[القصص: ٧٩] يريد الزينة الدنيوية من المال والقوة والجاه. وقد نسب الله تعالى التزيين تارةً إلى ذاته المقدسة سواءٌ كان ذلك المزين هدى أم غيره، قال تعالى:{وزينه في قلوبكم} وقال تعالى: {زينا لهم أعمالهم}[النمل: ٤] ولنا فيه كلامٌ مستوفى في «التفسير الكبير» مع المعتزلة. وتارةً إلى الشيطان، قال تعالى:{وزين لهم الشيطان أعمالهم}[العنكبوت: ٣٨] وتارةً إلى العازم من الإنس، قال تعالى:{وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم}[الأنعام: ١٣٧] في قراءة من قرأه كذلك. وتارةً لم يسم فاعلها كقوله تعالى:{زين للناس حب الشهوات}[آل عمران: ١٤] وقوله: {وكذلك زين لكثيرٍ} في قراءة من قرأه كذلك.
وقوله:{وزينا السماء الدنيا بمصابيح}[فصلت: ١٢]، وقوله:{بزينة الكواكب}[الصافات: ٦] فيه إشارةٌ بأن أحدها إلى الزينة التي يدركها الخاص والعام بحاسة البصر، وذلك من خلقها على هذه الأشكال البديعة والهيئات المختلفة. والثانية إلى الزينة التي يختص بمعرفتها الخاصة دون غيرهم من إحكامها وإتقانها وتسييرها في منازل لا يتعدى كل ما قدر له:{لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر}[يس: ٤٠] ثم تزيين الله الأشياء قد يكون بإبداعها وإيجادها مزينة في نفسها، أو بأن يزينها غيرها كتزيين البيت بأثاثه. وقد قرئ قوله:{بزينة الكواكب} على أوجه تلتفت إلى ما ذكرناه حسبما حققناه في «الدر» وغيره.