جعله مصدرًا. قلت: إنما قال ذلك لأن {شنآن} بالسكون ليس عندهم مصدرًا بل صفة. وقد قرأ بذلك عاصم وتجرأ عليه بعض الناس، فلا ينبغي له ذلك. قال ابن الأنباري قد أنكر هذا رجل من أهل البصرة يعرف بأبي حاتمٍ السجستاني معه تعد شديد وإقدام على الطعن في السلف. فحكيت ذلك لأحمد بن يحيى فقال: هذا من ضيق عطنه وقلة معرفته، أما سمعت قول ذي الرمة:[من الطويل]
٨٢٨ - فأقسم لا أدري أحولان عبرةٍ ... تجود بها العينان أحرى أم الصبر؟
قال: قلت: وإن كان مصدرًا ففيه الواو. فقال: فقد قالوا: وشكان ذا إهالةً. قلت: يعنون أن المصدر حقه أن يجيء مفتوح العين كالصوفان والنزوان والجولان. والصفة مسكنتها نحو غضبان وعطشان وسكران. فاستدل ثعلب بالبيت والشاهد. ومنه قوله:«أجولان» فسكن عينه مع كونه مصدرًا. فاعترض أبو بكرٍ بأن فيه الواو، يعني فقد يكون السكون لأجل حرف العلة. فأجابه بأنه قد سكن بعض الأسماء، وإن لم يكن عينه واوًا، نحو: وشكان في المثالين المذكورين. وهذه الآية قد حققتها بدلائلها في «الدر المصون» و «العقد النضيد»، فعليك بالالتفات إليها فيهما.
وتقول العرب: مشنوء من يشنؤك، أي مبغض من! يبغضك, وأزد شنوءة من ذلك. وفي حديث عائشة رضي الله عنها:«عليكم بالمشنيئة النافعة التلبينة». قال الهروي: يعني الحساء. وقولها «التلبين» تفسير لها، وهي مفعولة من شنئت. قلت: كيف تكون مفعولةً من شنئت؟ إذ لو كان كذلك لوجب أن يقال فيها مشنوءة مشروبة، لأن أحرفها صحيحة الهم إلا أن يقال: الهمزة تجري مجرى حروف العلة كثيرًا. وقال الرياشي: سألت الأصمعي عنها فقال: البغيضة.