أفنعرض عنك إعراضًا فلا ندعوكم؟ يقال: صفحت عنه أي أعرضت، وأصله من أوليته صفحة وجهي وصفحة عنقي؛ لأن المعرض يولي المعرض عنه ذلك، لأن صفح الشيء وصفحته: عرضه، كصفحة السيف والوجه والحجر. وصفحت عنه، أي أعرضت عن ذنبه. والصفح: ترك التأنيب، وهو أبلغ من العفو؛ فقد يعفو الإنسان ولا يصفح. فصحفت عنه: أوليته مني صفحة جميلةً معرضًا عن ذنبه. ولقيت صفحته متجافيًا عنه، أو تجاوزت الصفحة التي أثبت فيه ذنبه من الكتاب إلى غيرها، من قولك: تصفحت الكتاب. فصفحًا مصدر من معنى "أفنضرب" أو بمعنى اسم الفاعل، ونصبه على الحال أي صافحين معرضين. والصفوح: هي التي تريك أحد صفحتي وجهها دلالاً وتحببًا. قال كثير:[من الطويل]
٨٨١ - صفوح فما تلقاك إلا بخيلةً ... فمن مل منها ذلك الوصل ملت
قوله:{فاصفح عنهم}[الزخرف: ٨٩] أمر له بالمجاملة، وهذا ونحوه قيل: هو منسوخ. والظاهر أنه محكم لأن هذا خلقه عليه الصلاة والسلام. وأما القتال فذاك لأجل الإسلام، ولا تنافي بينهما حتى يقال: نسخ أحدهما الآخر. قوله:{فاصفح الصفح الجميل}[الحجر: ٨٥] هو الإحسان إلى من أساء، وإلا فالصفح الذي يراد به ترك التأنيب والمعاقبة كافٍ في ذلك.
ص ف د:
قوله تعالى:{مقرنين في الأصفاد}[إبراهيم: ٤٩] هي القيود، الواحد صفد، ويقال: صفد وصفاد. وقيل: هي الأغلال. والصفد: العطية أيضًا، وذلك على تخييلهم أن النعمة قيد للمنعم عليه. ومن ثم قالوا: أنا مغلول أياديك، وأسير نعمتك. وقال علي رضي الله عنه:"غل يدٍ أنت مطلقها". إلا أنه يقال: صفدته وصفَّدته -مخففًا ومثقلاً- قيدته في الحديد وبالحديد. وأصفدته -بالألف-: بمعنى أعطيته. وأنشد للأعشى:[من الطويل]