للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضحكهم كنايةٌ عن السخرية والحقارة لهم، وذلك أنهم كانوا في الدنيا علي العكس، وشتان ما بين السخريتين. والضحك أصله انبساط الوجه وتكشر الأسنان لسرور النفس وانشراحها. ولظهور بعض الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان ضواحك، ثم استعير للسخرية المجردة كما تقدم. يقال: رجلٌ ضحكة- بفتح العين-: إذا أكثر الضحك من غيره وبسكونها لمن يضحك منه. وقد يستعمل في السرور المجرد ومنه قوله تعالي: {مسفرةٌ ضاحكةٌ} [عبس: ٣٨ - ٣٩] واستعماله في الأناسي علي استعارة التخيل وهو في الحيوان أقرب. وأنشد: [من الرمل].

٩١٦ - تضحك الضبع [لقتلي هذيلٍ] ... وتري الذئب لها يستهل.

وذلك كنايةٌ عن قلة غنائهم، وأنهم ليسوا أبناء ضربٍ لأن الضبع والذئب اعتادا ألا كل منهم في المعركة وقد استعر ذلك في الجماد. وأنشد للأعشي: [من البسيط].

٩١٧ - يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ ... مؤزر بعميم النبت مكتهل.

سمي تلألؤها ضحكًا. وضحك الغدير: تلألأ من امتلائه. وطريقٌ ضحوكٌ، أي واضحٌ ضد العبوس للطامس الأعلام، واستعير أيضا لمجرد التعجب لأنه مسببٌ عنه غالبًا.

وهذا قصد من قال: الضحك مختصٌ بالإنسان. وأما بإسناده إلي الله تعالي في قوله عليه السلام: ((ضحك الله)) فاستعارةٌ لرضاه. قوله تعالي: {فضحكت} [هود: ٧١] هو علي بابه فعلت ذلك سرورًا بالولد وقيل: بل حاضت. قال بعضهم محققًا لذلك: وضحكها كان للتعجب، ويدل علي ذلك قوله تعالي: {إن هذا لشيءٌ عجيبٌ} [هود: ٧٢] وقول من قال: حاضت فليس ذلك تفسيرًا لقوله: ضحكت كما تصوره بعض المفسرين فقال ضحكت بمعني حاضت. وإنما ذكر ذلك تنصيصًا لحالها فإنه جعل ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>