للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطغيانهم، فهي مصدر كالعاقبة. وقال الراغب: {فأهلكوا بالطاغية} إشارة إلى الطوفان المعبر عنه بقوله: {إنا لما طغى الماء}، وفيه نظر من حيث إن المهلك بالطاغية غير المهلك بالطوفان، وهو واضح إلا أن يريد فيه مجرد الاستعارة. قوله تعالى: {وقوم نوحٍ من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} [النجم: ٥٢] تنبيه أنهم كانوا أشد طغيانًا، ومع ذلك لم ينجهم من طغيانهم. قوله: {إن الإنسان ليطغى} [العلق: ٦] أي يتزايد في طغيانه إذا كثر ماله.

قوله: {ربنا ما أطغيته} [ق: ٢٧] أي ماحصلته له. قوله: {كذبت ثمود بطغواها} [الشمس:١١] أي بطغيانها؛ فهو مصدر كالدعوى والبلوى. وفيه تنبيه أنهم لم يصدقوا إذ خوفهم بعقوبة طغيانهم. قوله: {ما زاغ البصر وما طغى} [النجم: ١٧] أي لم يتجاوز حده وقصده.

قوله: {فمن يكفر بالطاغوت} [البقرة: ٢٥٦] قيل: الطاغوت: الصنم. وقيل: كل ما عبد من دون الله، وليس هذا تفسيرًا لموضوع اللفظ بل أطلق عليه مبالغة. وأصل الطاغوت مصدر بني على فعلوت مبالغة كالملكوت والرغبوت. وأصله طغووت أو طغيوت فقلبت الكلمة بأن أخرت عينها إلى موضع لامها ولامها إلى موضع عينها، فصارت طغيوتًا أو طيغوتًا، فتحرك حرف العلة وانفتح ما قبله فقلبت الفاء؛ فوزنه بعد القلب فلعوت. وقيل: هو فعلوت، وتحقيقه في غير هذا؛ فلامه واو أو ياء بدليل قولهم: طغوت وطغيت طغوانًا وطغيانًا، ولغة القرآن الياء؛ قال تعالى: {فما يزيدهم إلا طغيانًا كبيرًا} [الإسراء: ٦٠]. ويكون واحدًا ويكون جمعًا، ويذكر ويؤنث؛ قال تعالى: {والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت} [البقرة: ٢٥٧] فأخبر عن جمعٍ. وقال تعالى: {والذين اجتبوا الطاغوت أن يعبدوها} [الزمر: ١٧] فأنث، وفي موضعٍ آخر: {وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>