الفساد. قوله:{ولهم فيها أزواج مطهرة}[البقرة: ٢٥] أي من درن الدنيا وأوساخها مما عليه نساء الدنيا من الحيض ونحوه. وقيل من الأخلاق السيئة، والكل مطلوب. و ((مطهرة)) جاءت على لغة النساء طهرت: ولو قيل: ((مطهرات)) لكان على لغة ((طهرن)). قوله:{إنهم أناس يتطهرون}[الأعراف: ٨٢] أي من أفعالنا، قالوا ذلك على سبيل التهكم لما سمعوا. قوله:{هؤلاء بناتي هن أطهر لكم}[هود: ٧٨]. قوله تعالى:{وأنزلنا من السماء ماء طهورًا}[الفرقان: ٤٨]؛ الطهور بمعنى المطهر: قال الراغب: وذلك لا يصح من حيث اللفظ لأن فعولًا لا يبنى على أفعل وفعل، وإنما يبنى من فعل، يعنى أن فعولًا مثال مبالغة. وأمثلة المبالغة الخمسة لا تبنى إلا من الثلاثي في الغالب، وإلا فالسماع قد ورد في قولهم: أدرك فهو دراك. وقد اعترض بعضهم أيضًا على الشافعي بأنه كان يقتضي أن يتكرر التطهير به، وهو لا يقول بذلك. وأيضًا فإن الطهور قد ورد مرادًا به المبالغة في النظافة. قال تعالى:{وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا}[الإنسان: ٢١] فإن فيه تنبيهًا على أنه بخلاف قوله: {ويسقى من ماء صديد}[إبراهيم: ١٦]. وأنشد:[من الطويل]
٩٥٦ - عذاب الثنايا ريقهن طهور
وهذا لا تطهير فيه لغيره، فكذا {ماء طهورًا} وقد فصلنا في هذه الاعتراضات كلها في غير هذا الموضوع. والطهور تارة يكون مصدرًا وهو مسموع كالوضوء والوقود والولوع. وقد يكون اسمًا لما يتطهر به. وقد يكون وصفًا كهذه الآية. وقيل: إن ذلك اقتضى التطهير من حيث المعنى، وذلك أن الطاهر ضربان: ضرب لا تتعداه الطهارة كالثوب فإنه طاهر غير مطهر به. وضرب يتعداه، فيجعل غيره طاهرًا به فوصف الله الماء بأنه طهور، تنبيه على هذا المعنى.