النويري المصري ولد بالذروة من صعيد مصر سنة تسع وأربعين ونشأ بها، ثم سكن مكة وصحب القاضي وسمع من عز الدين بن جماعة، واشتغل قليلاً، وكان حسن التلاوة، طيب الصوت. ثم دخل اليمن بواسطة القاضي أبي الفضل رسولاً من مكة إلى السلطان واتصل بالأشرف صاحبها، فحظي عنده ونادمه وتولى حسبة زبيد، ثم تركها لولده الظاهر، وكان حسن الفكاهة فقرب من خاطره وصار ملجأ للغرباء لاسيما أهل الحجاز، واستمر في دولة الناصر بن الأشرف على منزله بل عظم قدره عنده، وكان ذا مروءة وتودد ونوادر ومزاح، وقد تزوج كثيراً جداً على ما أخبرني به، وهو أخو صاحبنا نجم الدين المرجاني شقيقه، مات الجمال المصري في ذي القعدة وخلف عشرين ولداً ذكراً.
محمد بن علي بن جعفر، البلالي نزيل القاهرة الشيخ شمس الدين وبلالة من أعمال عجلون، نشأ هناك وسمع الحديث واشتغل بالعلم، وسلك طريق الصوفية وصحب الشيخ أبا بكر الموصلي، ثم قدم القاهرة فاستوطنها بضعاً وثلاثين سنة، واستقر في مشيخة سعيد السعداء مدة متطاولة مع التواضع الكامل والخلق الحسن وإكرام الوارد، وصنف مختصر الإحياء فأجاد فيه، وطار اسمه في الآفاق ورحل بسببه، ثم صنف تصانيف أخرى، وكانت له مقامات وأوراد، وله محبون معتقدون ومبغضون منتقدون، مات في رابع عشر شوال وجاوز السبعين.