للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما وصل ملكتمر إلى حلب تلقاه الناصري وقبل الكتب التي معه، فامتثل ما فيها وجمع القضاة والأمراء في دار العدل ليقرأ عليهم مرسوم السلطان.

فلما حضر سودون المظفرى لذلك لبس قازان أمير آخور الناصري قماش سودون فأحسّ أنه لابسٌ آلة الحرب، فأنكر عليه وقال: "من يطلب الصلح يدخل في آلة الحرب؟ " فشتمه سودون، فسلّ قازان سيفه وضرب به سودون في المجلس وقتله، ولم يكن الناصريُّ حاضرا بل وقع ذلك قبل أن يخرج من مكانه إلى القاعة التي اجتمعوا فيها، وهي القاعة الحمراء. فتناوش مماليكه ومماليك الناصري وقامت الفتنة، فقتل من مماليك سودون أربعة، وأمسك الحاجبَ الكبيرَ بحلب وركب بمن معه إلى القلعة، فعصُوا عليه قليلا ثم سلَّمها له نائبها، وانهال الناس عليه بالدخول معه والمخامرة على السلطان.

ورجع ملكتمر من حلب فأخبر السلطان بما اتفق، فأرسل إلى إينال اليوسفى - وهو يومئذٍ أتابك دمشق - أن يتوجّه إلى نيابة حلب وأن يمسك الناصرى.

وتجهَّز السلطان بالعساكر لقصد حلب واهتم لذلك، فلما بلغ من بطرابلس من الأُمراء - الذين نفاهم السلطان - تحالفوا ووثبوا على باب أسندمر نائب طرابلس فأمسكوه، وقتلوا جماعةً من الأُمراء وأرسلوا إلى الناصرى يعلمونه باتفاقهم على طاعته.

وكان ممَّن قام في ذلك من المشهورين كمشبغا الخاصكي الأشرفي وبُزْلار العمرى ودمرداش اليوسفى، وممن قُتل خليل بن سنجر وولده، ثم دخل كمشبغا المنجكي نائب بعلبك في طاعة الناصري، ثم خرج ثلاثة عشر أميرا من دمشق على حمية طالبين حلب فأوقع بهم النائب فانهزموا (١) بعد أن جرح (٢) منهم عدة، واستمروا ذاهبين إلى حلب.

ثم اتفق من بحماة من المماليك على قتل النائب بها فبلغه ذلك فهرب، فقام بيرم الغزِّى الحاجب واستولى هو ومن معه على القلعة، فتوجَّه (٣) منطاش وكان قد حضر عند الناصري إلى حلب فسار إلى حماة فتسلمها وأرسلوا إلى الناصري بالطاعة.

ثم توجه سنقر نائب سيس إلى طاعة الناصرى، فعارضه خليل بن ذلغادر التركماني فقبض عليه وأرسل سيفه إلى السلطان، ثم دخل سولى بن ذلغادر أمير التركمان ونعير أمير العرب في طاعة الناصري فأقام سناجق خليفية ودعا إلى نصر الخليفة.


(١) ساقطة من ز.
(٢) في ز "خرج".
(٣) عبارة "فتوجه .... حماة فتسلمها" غير واردة في ظ.