للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما يعتمده محضرًا، فجاء الجواب (١) بالتنكيل به. فبلغه ذلك، فهرب إلى زاوية الشيخ شمس الدين القونوي فاستجار به فأجاره ابن الشيخ، فغضب الشيخ.

وكان الشيخ يشطح في حقه وفى حق غيره، فبلغ الحاجب فغضب وأرسل إليه الجنادرة ليحضروا الشيخ وابنه والوالى فنعوا أنفسهم، ووقع بينهم مقاتلة، فشُجَّ الشيخ في رأسه ثم غُلِبوا، فأُحضروا إلى الحاجب، وأحضر القضاة وعرضوا عليهم أمرهم، وأحضروا السلاح الذي قاتلوا به، وأُمِر بكتب محضر بصورة الحال. فأنكر الشيخ أن يكون عرف بحضور ابن بلبان وإنما ابنه فعل ذلك.

وانفصل الحال على أن ضُرب الوالى وابن الشيخ وسُجنا بالقلعة.

وتوجه الشيخ إلى منزله وذلك في شعبان، وحصل للشيخ من ذلك غم كبير. وأقام في زاويته بالمزة وأقصر مما كان فيه من الإنكار ومراسلة الأُمراء، وكان للنائب (٢) فيه اعتقاد كبير ورسائله للحكام لا تردّ.

فلما كان في جمادى الأُولى سنة خمس وثمانين وصل المرسوم السلطاني إلى الشيخ بالتعظيم والإكرام، وبطلب الذين قاموا عليه وتمكينه من تعزيرهم، ووصل إليه كتابٌ بالتعظيم والتبجيل والإكرام وبطلب الدعاء منه، فأحضر الحاجب (٣) إليه أربعة، فربط واحدًا منهم في شجرة وأمر بسجن آخر، وزال ما عنده من الانكسار: ورجع إلى حالته الأولى.

وفيها كائنة الشيخ شمس الدين محمد بن خليل الجزري الحنبلي الصوفى. وكان إمام مدرسة الضياء بسبب فتواه بشيءٍ من مسائل ابن تيمية، فأحضره ولى الدين قاضي دمشق وأراد ضربه ثم سجنه فشفع فيه الحنبلي ومنعاه من الفتوى، وذلك في رمضان.

* * *

[ذكر من مات في سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة من الأعيان]

١ - إبراهيم بن حسين بن الملك الناصر، أخو الملك الأشرف شعبان، كان خيرًا دينا وقد ذُكر للسلطنة فلم يتم له ذلك. مات في جمادى الآخرة.


(١) في ل "المرسوم".
(٢) في ز، هـ "للناس".
(٣) "النائب" في ز، هـ.