شيخها إساءة أدب في حق القاضي الحنفي فعزره بالكلام وأقامه من المجلس، ثم شكا الحنفي لمن حضر من المباشرين فبلغوا الأمر للسلطان، فأمر بإخراجه من المدرسة فكشف الحنفي رأسه، وأصلح بينهما ناظر الجيش وصرف رأي السلطان عن عزله بعد أن كان أمر بتقرير الشيخ سراج الدين قارئ الهداية مكانه، واشترط عليه لزوم الأدب في البحث - وترك البحث بعده ... -.
وفي الثامن من شهر رجب صرف الهروي عن قضاء الشافعية وتقرر كاتبه، قرأت بخط قاضي الحنابلة محب الدين: كان يوماً مشهوداً وحصل للناس سروران عظيمان: أحدهما بولايته لأن محبته معروفة في قلوب الناس، والثاني بعزل الهروي فإن القلوب كانت اتفقت على بغضه لإساءته في ولايته وارتكابه الأمور الذميمة. وفي الثامن من رجب توجه القاضي المستقر إلى مصر في موكب عظيم، ومعه من القضاة ونوابهم والفقهاء من لا يكاد يحصر، وكان يوماً مشهوداً، انتهى ما نقلته من خطه ورحل الهروي من القاهرة خفية من شدة مطالبات الناس له، وذلك في التاسع عشر منه.
وفي رجب هيأ الأشرف العسكر الذي ندبه لغزو الفرنج وأميرهم جرباش الحاجب الكبير وأنفق فيهم، وعين لذلك جماعة من الأمراء - والمماليك السلطانية -، وسافروا في شهر رمضان، فوصلوا إلى ساحل الماغوصة في سادس عشرى شهر رمضان، فسمع بهم صاحبها فبذل لهم الطاعة وجهز لهم الأموال ودلهم على عورات صاحب جزيرة قبرس فأقاموا ثلاثاً، ثم توجهوا إلى جزيرة في البحر فيها الماء الحلو فتزودوا منها، ووقع لهم بعض الفرنج في البحر فقاتلوهم إلى أن فر الفرنج ورجع المسلمون إلى أماكنهم ثم التقوا في البر فانكسر المشركون أيضاً