قرأْتُ بخط ابن دقماق:"في أَوائل هذه السنة وصل بريديُّ من حلب فأَخبر أَن شخصًا عبث بإمامِ جماعةٍ وهو يصلّى، فانقلب وجهُ العابث وجهَ خنزير، وأَنه كُتب بذلك محضر ووصل صحبته"وأَنّه (١) ممن شاهد ذلك.
* * *
وفيها في ربيع الأَول عمل برقوق عقيقةَ ولده محمد فطلع إليه جماعةٌ من الأُمراء فأَمسكهم، فلبس الباقون السلاح خوفًا على أنفسهم وتغير خاطر بركة لأَنه بلغه أَن أَيتمش قال إنه اتفق مع إينال وجماعة من الأُمراء على مسك بركة، فالتمس من برقوق أَن يمكّنه من أيتمش فوعده وماطله، فبلغ ذلك أَيتمش، فاستشفع إليه بالشيخ أَكمل الدين وغيره، فرضى عنه وخلع عليه.
ثم بلغ برقوق - في تاسع عشر صفر - أنَّ بركة يريد الركوب عليه، فأَرسل برقوقُ القضاةَ والمشايخَ إلى بركة فسعوا بينهما في الصلح مرات إلى أَن أَذعن بركة ونودى بالأَمان، وخُلع على من سعى في الصلح من القضاة وغيرهم، واجتمع الأُمراءُ في الميدان ولعبوا بالكرة، واستقر الصلح.
ثم بلغ أيتمش عن بركة ما يسوءه، فركب في يوم الاثنين سابع ربيع الأَول في طائفةٍ من الأُمراء على بركة، وكان صُراى -أَخو بركة- قد اجتمع في ذلك اليوم ببرقوق وأعلمه أَن بركة عزم على مسكه يوم الجمعة، فأَذن برقوق لأَيتمش ومن معه بالركوب على بركة، ونادي في العوام بنهب داره، فتوجهوا إلى باب بيته فأَحرقوا الباب، فخرج من الباب الآخر إلى جهة الشارع، وأَخذ معه الوالى حتى فتح له باب الفتوح لأَنه كان أَغلق الأَبوابَ أَول ما ثارت الفتنة، وشق القاهرة متوجها إلى قبة النصر، واجتمع إليه أَصحابه فعسكر بهم هناك، ونهب العامةُ كلَّ ما وجدوا في بيته، فخرج إليه أيتمش ومَن معه، فوقعت بينهما وقعات كان غالب